قوله: فلأن بعض ليفها منشؤه من أسفل عظم العانة فينبسط مائلاً إلى الأنسي.
سبب ذلك أن هذا الليف يمتد في أنسي عظم الفخذ في خلقه فبانجذاب الأجزاء الخلفية ينجذب هذا العظم إلى خلف، ويلزم ذلك أن ينبسط لأن انقباضه يكون بتحركة إلى قدام، وانجذابه، وبانجذاب الأجزاء الأنسية يميل هذا العظم إلى الجانب الأنسي. وأما الليف الذي منشؤه من عظم الورك، فإنه يذهب في خلف هذا العظم فلذلك إذا تشنج جذبه إلى خلف جذباً مستوياً، فيبسطه بسطاً مستوياً.
وأما ما منشؤه المواضع التي هي من هذين الموضعين فما كان منها من المواضع العالية جداً، فإنه إذا تشنج جذب هذا العظم إلى خلف جذباً قوياً رافعاً إياه إلى فوق لأن كثرة ارتفاع مبدئه ويلزم ذلك أيضاً أن تجذبه إلى الجهة الأنسية فيقربه من الفخذ الأخرى، وذلك بسبب ما يتشنج حينئذ من الأجزاء الأنسية من الليف.
وأما ما كان من المواضع العالية علواً يسيراً فالذي نعرفه من كلام فضلاء المشرحين أنه إذا تشنج جذب هذا العظم إلى الجانب الأنسي فقط.
والذي قاله الشيخ أنه حينئذ يشيل الفخذ إلى فوق فقط أي أنه لا يميله مع ذلك إلى الجانب الأنسي وبين الكلامين تناقض. وما قاله الشيخ موافق لكتاب الجوامع.
وطريقة تعرف الحق في هذا أن يوقف على موضع توزع هذا الليف. فإن كان يتوزع في المواضع الأنسية من هذا العظم فلا شك أن تشنجه إنما يحرك الفخذ إلى الجهة الأنسية فقط، فإن كان يتوزع في المواضع التي خلف هذا العظم، فلا شك أن تشنجه يحرك الفخذ إلى فوق، ولا يقتصر على بسطه لأنه يجذبه إلى ما هو أعلى موضعاً من الباسط.
قوله: ومنها عضلة تجلل مفصل الورك كله من خلف هذه العضلة يمكن أن تعد واحدة. ويمكن أن تعد اثنتين: إحداهما: لحمية ذات رأسين.
والأخرى: غشائية الرأس، ويمكن أيضاً أن تعد اثنتين بوجه آخر، وهو بسبب أن لها طرفين فيجعل كل طرف كعضلة. والأول عندي أولى، لأن التكثير بسبب اختلاف الجوهر أولى من التكثير بسبب تكثير الأطراف.
ويمكن أن تعد ثلاث عضلات بعدد الرؤوس إذ لها ثلاثة رؤوس، وهذه العضلة منبسطة مستبطنة للجلد تشاكل العضلة التي تحتوي على معظم لحم الكتف مع أنها تجلل هذا المفصل من خلف فتملأ ما يكون هناك من الحفر لحماً. ويحتبس ويجود سطحه الظاهر وأكبر رأسيها اللحمين ينشأ من ظهر عظم الخاصرة الشاخص. وأصغرهما ينشأ من عظم الورك، وعظم العصعص والرأس العالي ينشأ مما بين هذين الموضعين وأعلى منهما.
وأما ذهاب ليف هذه العضلة فإنه: أو لاً يستدير على رأس الفخذ من خلف فإذا جاوز ذلك قليلاً امتد وانتهى إلى وتر عريض ينزل على الاستقامة وتلتحم بها العضلة التي وترها لحمي، وهي الملتحمة بالأجزاء الوحشية من الساق وسنذكرها في موضعها.
قوله: وأما الطرفان فيتصلان بالجزء المؤخر من رأس الفخذ، فإن جذبت بطرف واحد بسطت مع ميل إليه، وإن جذبت بالطرفين بسطت على الاستقامة.
هكذا قيل في الجوامع، وسبب ذلك أن كل واحد من الطرفين مائل إلى أحد الجانبين، فإذا كان الجذب به وحده، مال المجذوب إلى جهته لا محالة، وإن كان بهما معاً كان كل واحد منهما مبطلاً لميل الآخر، فيكون بسط الفخذ مستوياً.
قوله: ومنها عضلة منشؤها من جميع ظاهر عظم الخاصرة هذه العضلة موضوعة تحت العضلة التي تقدم ذكرها ومنشؤها من أكبر الأجزاء الوحشية من عظم الخاصرة ومن الأجزاء المنخفضة من عظم العجز إلى أن يبلغ العصعص، وتمتد صاعدة ناحية القطن، وتلتحم هناك بالجلد حيث الرأس العالي الذي ذكرناه للعضلة التي فوقها، وتنتهي إلى وتر عريض قوي يلتحم بجميع رأس الزائدة الوحشية من الزائدتين اللتين ذكرناهما في تشريح عظم الفخذ وهما من عند العنق الذي يتصل به الرأس الداخل في حق الورك وفعلها أنها تبسط الفخذ مميلة لرأسه إلى الجانب الوحشي وذلك لأن اتصالها بعظم الفخذ ما بين خلفيه ووحشيه، فإذا تشنجت جذبت ما يتصل به من وراء هذا العظم إلى جهة مبدئها.
وأما قول الشيخ إنها تبسط مع ميل إلى الأنسي فمما لست أفهمه.
قوله: وأخرى مثلها وتتصل أو لاً بأسفل الزائدة الصغرى الذي نعرفه من هذه العضلة أنها تنشأ من الأجزاء الوحشية السفلية من عظم الخاصرة، وأنها تتصل بالجزء الأسفل من الزائدة الوحشية، وهي الزائدة العظمى فإن فعلها بسط الفخذ يسيراً وتمييله إلى الوحشي كثيراً.