ويستدل منها على نسخ ترك الوضوء من مس الذكر على الوجوه الآتية:
أولاً: لأن من بين هذه الأدلة في إيجاب الوضوء من مس الذكر رواية بسرة بنت صفوان -رضي الله عنها- وقد أسلمت عام الفتح، ومنها رواية أبي هريرة -رضي الله عنه- وهو قد أسلم سنة سبع من الهجرة، فدل ذلك على أن خبر بسرة وأبي هريرة -رضي الله عنهما- متأخر على خبر ترك الوضوء من مس الذكر؛ لأنه من رواية طلق بن علي -رضي الله عنه- وهو قد سمع هذا الخبر من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينما قدم وفداً على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو يبني المسجد، وبناء المسجد كان أول سنة من سني الهجرة، فدل ذلك على أن خبر بسرة وأبي هريرة -رضي الله عنهما- كان بعد خبر طلق بسنين، وإنما يؤخذ بآخر الأمرين (١).
قال ابن حبان: (إن طلق بن علي رجع إلى بلده بعد ما وفد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أول سنة من سني الهجرة- إلى أن قال: - ولا يعلم رجوعه إلى
(١) انظر: صحيح ابن حبان ص ٤٠٣؛ معالم السنن للخطابي ١/ ١٣٣؛ مصابيح السنة -مع مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح- ١/ ٢٧٨؛ السنن الكبرى للبيهقي ١/ ٢١٣؛ التمهيد ٢/ ٢٦٧؛ الاستذكار ١/ ٢٩٠؛ الاعتبار ص ١٥٣، ١٥٤؛ عارضة الأحوذي لابن العربي ١/ ١١٨؛ المغني ١/ ٢٤٢؛ الشرح الكبيرللمقدسي ٢/ ٢٩؛ شرح العمدة لابن تيمية ١/ ٣٠٨؛ كشاف القناع ١/ ١٥٤.