للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما تفسير حديث: (إنما الرضاعة من المجاعة) بأنه يطرد الجوع عن الكبير، كما تطرد الجوع عن الصغير، فكلام باطل، وتفسير في غاية البعد من اللفظ، ولا تتبادر إليه أفهام المخاطبين، ولا يظهر به الفائدة من الحديث؛ لاستواء الكبير والصغير في الرضاعة. بل معناه-على ما ذكره أهل العلم-: أن الذي إذا جاع كان طعامه الذي يشبعه اللبن إنما هو الصبي، فأما الذي شبعه من جوعه الطعام فإن رضاعه ليس برضاع (١).

أما الطعن في حديث أم سلمة، وأبي هريرة، وابن عباس-رضي الله عنهم- بالضعف فتعسف بارد، بل هي صحيحة، وصريحة في أنه لا رضاع بعد فصال وبعد الحولين (٢).

دليل القول الثاني

ويستدل للقول الثاني- وهو ثبوت الحرمة برضاع الكبير- بما يلي:

أولاً: قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} (٣).

ثانياً: ما سبق في دليل القول بالنسخ من حديث عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما-من أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- لسهلة أن ترضع سالماً مع أنه كبير فتحرم عليه بلبنها، ففعلت وكان بمنزلة ولدها من الرضاعة.


(١) انظر: زاد المعاد ٥/ ٥٨٨، ٥٨٩؛ نيل الأوطار ٦/ ٤٤٠.
(٢) راجع الكلام على تلك الأحاديث في تخريجها، وانظر: زاد المعاد ٥/ ٥٩٠؛ نيل الأوطار ٦/ ٤٣٩، ٤٤٠.
(٣) سورة النساء، الآية (٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>