للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستدل منها على النسخ بالوجوه التالية:

الوجه الأول: إن حديث عائشة-رضي الله عنها-فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر سهلة أن ترضع سالماً، وهو قد كان بلغ مبلغ الرجال، فهو يدل على حصول الحرمة برضاع الكبير، لكن قصة سالم كانت في أوائل الهجرة؛ لأنها كانت عقيب نزول قوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: ٥]، وهذه الآية نزلت في أوائل الهجرة، فيكون حديث عائشة منسوخاً بحديث أبي هريرة وابن عباس-رضي الله عنهم-، وما في معناه؛ لأن أبا هريرة وابن عباس-رضي الله عنهم-أسلما بعد نزول هذه الآية وبعد قصة سالم، وقد رويا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يدل على عدم حصول الحرمة برضاع الكبير، فيكون فيه دلالة على نسخ حديثها (١).

واعترض عليه بما يلي:

أ-بأنه لا يلزم من تأخر إسلام الراوي ولا صغره أن لا يكون ما رواه متقدماً، وإن أبا هريرة وابن عباس-رضي الله عنهم-لم يصرحا بسماع حديثهما من النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيحتمل أنهما سمعاه عن غيره من الصحابة-رضي الله عنهم-، فلا يكون في حديثهما دلالة على تأخر ما روياه على حديث عائشة-رضي الله عنها- في قصة سالم (٢).


(١) انظر: أحكام القرآن للجصاص ٢/ ١٥٨؛ الاعتبار ص ٤٤٥ - ٤٤٦؛ الناسخ والمنسوخ في الأحاديث ص ٧٩، رسوخ الأحبار ص ٤٥٩؛ زاد المعاد ٥/ ٥٨٦؛ نيل الأوطار ٦/ ٤٣٦.
(٢) انظر: زاد المعاد ٥/ ٥٨٦؛ فتح الباري ٩/ ٥٨؛ نيل الأوطار ٦/ ٤٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>