للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك لما روي عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة-رضي الله عنها-أنها أنكحت رجلاً من بني أخيها جارية من بني أخيها، فضربت بينهما بستر ثم تكلمت، حتى إذا لم يبق إلا النكاح أمرت رجلاً فأنكح، ثم قالت: «ليس إلى النساء النكاح) (١).

فإن كانت عائشة زوجت بنت عبد الرحمن بغير إذن الولي فيكون ما في هذه الرواية رجوعاً عن عملها الأول، وإن كانت زوجها بإذن أحد أوليائها فليس بين ما رواها عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين ما عملت مخالفة، ولا يصح الاستدلال من جميع ذلك على ثبوت النسخ عندها (٢).

ج-أن الحديث الذي يدل نصاً على بطلان النكاح بغير إذن الولي لم يروها عائشة-رضي الله عنها-فحسب، بل روي عن أكثر من عشرة من الصحابة-رضي الله عنهم-، ثم روي القول عن أكثرهم على وفق موجبه، فكيف يكون فعل عائشة مع أن فعلها ذلك محتمل لأكثر من احتمال أولى أو دالاً على النسخ؟ وإن النسخ لا بد فيه من تيقن وجود الناسخ وكونه صريحاً ومتأخراً، وهذا كله مما لا وجود له هنا (٣).


(١) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ٣/ ١٠، وابن حزم في المحلى ٩/ ٣١، وأخرج عبد الرزاق في المصنف
٦/ ٢١٠، بلفظ: (يا فلان أنكح فإن النساء لا ينكحن). وذكر ابن حجر في الفتح ٩/ ١٠٣، أن ذلك صحيح عن عائشة.
(٢) انظر: المحلى ٩/ ٣٠، ٣١.
(٣) انظر: المستدرك للحاكم ٢/ ١٨٨؛ المحلى ٩/ ٣٠، ٣١؛ نصب الراية ٣/ ١٨٤، ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>