ويستدل للقول الثالث-وهو عدم جواز المزارعة وكراء الأرض إلا بالذهب والفضة- بما يلي:
أولاً: ما سبق في دليل القول بنسخ ما يدل على جواز المزارعة واكتراء الأرض ببعض ما يخرج منها من حديث رافع بن خديج، وأبي هريرة، وجابر، وأبي سعيد، وزيد بن ثابت-رضي الله عنهم-؛ حيث إن تلك الأحاديث تدل على عدم جواز المزارعة واكتراء الأرض ببعض ما يخرج منها.
ثانياً: ما سبق في دليل القول الأول من حديثي رافع بن خديج، وسعد-رضي الله عنهما-الدالان على جواز المزارعة بالذهب والفضة.
ثالثاً: عن رافع بن خديج -رضي الله عنه- قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المحاقلة والمزابنة، وقال:«إنما يزرع ثلاثة: رجل له أرض فهو يزرعها، ورجل مُنح أرضاً فهو يزرعها، ورجل استكرى أرضاً بذهب أو فضة»(١).
فهذه الأدلة يثبت من مجموعها جواز المزارعة واكتراء الأرض بالذهب
(١) أخرجه أبو داود في سننه ص ٥١٩، كتاب البيوع، باب التشديد في ذلك، ح (٣٤٠٠)، والنسائي في سننه ص ٥٩٩، كتاب المزارعة، باب ذكر الأحاديث المختلفة في النهي عن كراء الأرض بالثلث والربع، ح (٣٨٩٠)، وابن ماجة في سننه ص ٤١٨، كتاب الرهون، باب المزارعة بالثلث والربع، ح (٢٤٤٩)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ١٠٦، والبيهقي في السنن الكبرى ٦/ ٢١٩. قال النسائي بعد ذكر الحديث: (ميزه إسرائيل عن طارق، فأرسل الكلام الأول وجعل الأخير من قول سعيد). وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود ص ٥١٩.