حدثني عبد الأعلى ين عبد الله الأسدي قال: حدثني الهلالي - وكان صديقاً لأبي الحجناء الشاعر - قال: كان الرشيد ولاه بعض كور الشام، وكان أسود، قال الهلالي: فأفاد من ذلك مالاً جزيلاً وكان الرشيد يقدمه على أكثر شعرائه، وكذلك الفضل بن يحيى، وكانت صلات البرامكة لا تنقطع عنه البتة. قال الهلالي: قلت يوماً للأصمعي: ما تقول في شعر الأسود؟ قال: هو في عصرنا هذا أشعر من عبد الحسحاس في عصره. قلتك فأين شعره من شعر نصيب؟ قال: فما في قرن واحد، لأن نمطهما واحد وكان ذاك متقدم الزمان وهذا محدث.
ومما رويناه له واخترناه كلمته في إسحاق بن الصباح الكندي:
كأن ابن صباح وكندة حوله ... إذا ما بدا بدر توسط أنجما
على أن في البدر المحاق وأنه ... تمام فما يزداد إلا تتمما
ترى المنبر الشرقي يهتز تحته ... إذا ما علا أعواده وتكلما
فأنت ابن خير الناس إلا نبوة ... ومن قبلها كنت السنام المقدما
وهي طويلة جيدة.
ومما يختار له أيضاً من شعره كلمته التي طارت له في الآفاق. وقد صارت أبيات من هذه القصيدة فاكهة أهل الأدب، ونقل الملوك في مجالسهم،