للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنْشد النميري الرشيد شعرًا يَقُول فِيهِ: لَيْسَ كأسياف الْحُسَيْن وَلَا بني ... حسن، وَلَا آل الزبير الكلل فَقَالَ لَهُ الرشيد: وَمَا تولعك بِذكر الْقَوْم لَا ينالهم ذمّ إِلَّا شاطرتهم إِيَّاه. قرر ابْني هَذَا مِنْك وفيك، فَلَا تعدله، فَإِنَّمَا نفارقهم فِي الْملك وَحده، ثمَّ لَا افْتِرَاق فِي شَيْء بعده. مَاتَت أمه الخيزران بعد ثَلَاث سِنِين من خِلَافَته، وَكَانَ غَلَّتهَا يَوْم مَاتَت مِائَتي ألف ألف، وَسِتِّينَ ألف دِرْهَم كل سنة، فاتسع الرشيد بذلك وَمَات فِي الْيَوْم الَّذِي مَاتَت فِيهِ مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بِالْبَصْرَةِ، وَقبض الرشيد مَا خَلفه من الصَّامِت، فَكَانَ ثَلَاثَة آلَاف ألف دِينَار، وَلم يعرض لغير ذَلِك من أَصْنَاف المَال. قَالَ الرشيد يَوْمًا: بَلغنِي أَن الْعَامَّة يظنون بِي بغض عَليّ بن أبي طَالب. وَالله مَا أحب أحدا حبي لَهُ، وَلَكِن وَلَده هَؤُلَاءِ أَشد النَّاس بغضاً لنا، وطعناً علينا، وسعياً فِي إِفْسَاد ملكنا، بعد أَخذنَا بثأرهم، ومساهمتنا إيَّاهُم ماحوينا، حَتَّى إِنَّهُم لأميل إِلَى بني أُميَّة مِنْهُم إِلَيْنَا، فَأَما عَليّ وَولده لصلبه، وَأَوْلَاد أَوْلَاده، فهم سادة الْأَهْل، وَالسَّابِقُونَ إِلَى الْفضل، وَلَقَد حَدثنِي أبي الْمهْدي عَن أَبِيه الْمَنْصُور بن مُحَمَّد بن عَليّ عَن أَبِيه عَن ابْن الْعَبَّاس أَنه سمع النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - يَقُول فِي الْحسن وَالْحُسَيْن: " من أحبهما فقد أَحبَّنِي، وَمن أبغضهما فقد أبغضني ". وسمعته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي فَاطِمَة - رَضِي الله عَنْهَا -: " فَاطِمَة سيدة نسَاء الْعَالمين مَا خلا مَرْيَم بنت عمرَان وآسيا بنت مُزَاحم ". قَالَ يزِيد بن مزِيد: قَالَ لي الرشيد: مَا بَقِي فِي الْعَرَب من يفتك قلت: وَمَا ذَاك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ فَقَالَ: رجل يقتل لي يحيى بن خَالِد. قَالَ: قلت لَهُ: فَأَنا أَقتلهُ وآتيك بِرَأْسِهِ. قَالَ: لَيْسَ كَذَا أُرِيد. إِنَّمَا أُرِيد أَن يقْتله رجل فَأَقْتُلهُ بِهِ. قَالَ: فَحدثت بِهِ الْفضل بن سهل بمرو، فَوَجَمَ واغتم. قَالَ الْأَصْمَعِي قَالَ لي الرشيد فِي أول يَوْم عزم فِيهِ على تأنيسي: يَا عبد الْملك، أَنْت أحفظ منا، وَنحن أقل مِنْك. لَا تعلمنا فِي ملا، وَلَا تسرع

<<  <  ج: ص:  >  >>