فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أأتكلم فَذا أَو توأماً؟ فَقَالَ: بل فَذا، فَقَالَ: اتَّقِ الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فِيمَا دلاك، وراقبه فبمَا استرعاك، وَلَا تجْعَل الشُّكْر بِموضع الْكفْر لقَوْل قَائِل ينهس اللَّحْم، ويلغ الدَّم، فوَاللَّه لقد حددت الْقُلُوب على طَاعَتك، وذللت الرِّجَال لمحبتك، وَكنت كَمَا قَالَ أَخُو بني كلاب. ومقام ضيق فرجته ... ببياني، ولساني، وجدل لَو يقوم الْفِيل أَو فياله ... زل عَن مثل مقَامي وزحل فَأمر بِهِ فَرد إِلَى محبسه. ثمَّ قَالَ: لقد دَعَوْت بِهِ، وَأَنا أرى مَكَان السَّيْف من صليف قَفاهُ، ثمَّ هأنا قد رثيت لَهُ. كتب الرشيد إِلَى الْفضل بن يحيى: أَطَالَ الله يَا أخي مدتك، وأدام نِعْمَتك، وَالله مَا مَنَعَنِي من إتيانك إِلَّا التطير من عيادتك، فاعذر أَخَاك، فوَاللَّه مَا قلاك وَلَا سلاك، وَلَا استبدل بك سواك. قَالَ الْأَصْمَعِي: قَالَ لنا الرشيد ذَات يَوْم: مَا التكش عنْدكُمْ؟ قلت: الَّذِي يتفتى على كبر السن. فَقَالَ: أَخْطَأت. التكش: الَّذِي يشرب على غير سَماع. قَالُوا: رفع صَاحب الْخَبَر فِي أَيَّام الرشيد أَن صَاحب الْحَبْس حبس رجلا يجمع بَين الرِّجَال وَالنِّسَاء فِي منزله، وَأَنه سُئِلَ عَن ذَلِك، فَأقر، وَزعم أَنه يجمع بَينهم بتزويج لَا زنية، وبنكاح لَا سفاح، وَشهد لَهُ بذلك جمَاعَة، وَتشفع فِي بَابه قوم من الْكتاب والقواد، فَلم يُطلق. فَلَمَّا قَرَأَ الرشيد ذَلِك استشاط غَضبا حَتَّى انكر جُلَسَاؤُهُ ذَلِك، وظنوا أَنه سينكل بِالرجلِ، إِلَى أَن قَالَ: وَمَا سبيلهم على رجل وسع فِي منزله لصديقه، وأسبل عَلَيْهِ ستره، وسعى فِيمَا يحل لَهُ من لذته؟ وَهُوَ بعد مستراح للأحرار، وَذَوي الشّرف ةالأقدار، وَنحن نعلم أَن الشريف وَالسَّيِّد، والأديب والأريب قد تكون عِنْده العقيلة من بَنَات عَمه، وَنسَاء قومه، وأكفائه، فتحظر عَلَيْهِ شَهْوَته،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute