للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأخْتٌ شقِيقةٌ أو لأبٍ، فيُفْرضُ لَهَا وَلَهُ ثَمَّ يُقاسمُها. وإنْ كانَ مَحلَّها أخٌ لأب ومعه إخْوَةٌ لأم سَقَطَ. ولعاصب ورث المال أو الباقي بعد الفرض (١)، وهُوَ الإبْنُ ثُمَّ ابْنُه، وعصَّبَ كُلُّ أخْتَهُ، ثُمَّ الأبُ ثُمَّ الجَدُّ والإخْوَةُ كما تَقَدَّم، الشّقيق ثمَّ لِلأب، وهو كالشقيق عِنْدَ عَدَمِهِ إلَّا في الحِمَاريَّةِ والمشْتَركَةِ: زَوْجٌ وأمٌّ أو جدَّةٌ وأَخَوانِ لأمٍّ وشَقيقٌ وحْدَه أو مَعَ غيره، فمُشَارِكونَ الإِخْوَةَ للأمِّ الذَّكَرُ كالأنْثَى. وأسْقَطَه أيضًا الشَّقيقَةُ التي كالْعَاصِب لبنت أو بنت ابن فأكثر.

(١) وقوله: ولعاصب ورث المال أو الباقي بعد الفرض، دليله حديث ابن عباس المتفق عليه ولفظ البخاري: حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا وهيب، حدثنا ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقيَ فَهُوَ لأِوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ". قال الخطابي أبو سليمان: معنى "أوْلَى" ههنا أقرب، والوَلْيُ القرب، يريد أقرب العصبة إلى الميت، كالأخ والعم، فإن الأخ أقرب من العم، وكالعم وابن العم، فإن العم أقرب من ابن العم، وعلى هذا المنوال.

قال: ولو كان قوله "أَوْلَى" بمعنى أحق نبقي الكلام مبهمًا لا يستفاد منه بيان الحكم، إذ كان لا يدرى من الأحق ممن ليس بأحق، فعلم أن معناه أقرب النسب على ما فسرناه والله أعلم. ا. هـ. وبمثل ما فسر به الخطابي، قال البغوي: "لأوْلَى رَجُلٍ" أي لأقرب رجل، والولْيُ القرب، وأراد قرب النسب، وقوله تعالى: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} (١)، أي قاربك ما تكره فاحذر. ا. هـ. منه.

فإذا سمعت ذلك فاعلم أن ما فضل من التركة عن الفروض يعطى أولًا لأولاد الصلب؛ للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} (٢) وإن كان في ولد الصلب ذكر لم يكن لولد الولد شيء، وهذا مما أجمع عليه أهل العلم. وإن لم يكن في ولد الصلب ذكر، وكان في ولد الولد، بديء بالبنات للصلب يعطين إلى مبلغ الثلثين، ثم الثلث الباقي لولد الولد إذا استووا في القُعدُدِ، أو كان الذكر منهم أسفل من البنات، للذكر مثل حظ الأنثيين. هذا قول مالك، والشافعي وأصحاب الرأي. وبه قال عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، إلا ما روي عن ابن مسعود أنه قال على ما ذكره عنه الباجي وابن المنذر: أن ما فضل عن بات الصلب لبني الإبن=


(١) سورة القيامة: ٣٤.
(٢) سورة النساء: ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>