للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالتعارض؛ لأن كل بينة تشهد بعكس ماتشهد به الأخرى فلا يمكن العمل بواحدة منهما فيتساقطان ويصيران كمن لا بينة لهما في الأصح. (فيتحالفان، ويتنَاصفان ما بأيديهما). والأصل في هذا الباب حديث أبي موسى " أن رجلين ادعيا بعيراً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبعث كل واحد منهما بشاهدين. فقسّمه النبي صلى الله عليه وسلم بينهما نصفين" (١) . رواه أبو داود.

(ويُقرع) بين المتنازعين (فيما) أي: في شيء (ليس بيد أحد، أو) في شئ (بيد ثالث ولم يُنازِع) واحداً من المتداعين. فمن قرع صاحبه حلف وأخذه على الأصح؛ كما لو لم يكن لواحد منهما بينة. روي هذا عن ابن عمر وابن الزبير. وبه قال إسحاق وأبو عبيد. وهو رواية عن مالك وقديم قولي الشافعي؛ لما روى ابن المسيب " أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرٍ. وجاء كل منهما بشهودٍ عدول على عين واحدة. فأسهم النبي صلى الله عليه وسلم بينهما ". رواه الشافعي في "مسنده".

ولأن البينتين حجتان تعارضتا من غير ترجيح لإحداهما على الأخرى.

فسقطتا؛ كالخبرين.

(وإن كن) الشيء المتنازع فيه (٢) (بيد أحدهما) أي: أحد المتنازعين فيه وقد أقام كل واحد منهما بينة أنه له: (حُكم به للمدَّعِي) على الأصح. (وهو: الخارج ببينته، سواء أُقيمت بينة منكر) أي: رب اليد (وهو: الداخل بعد رفع يده أوْ لا) يعني: أو لم تقم، (وسواء شهدت له) أي: لرب اليد: (أنها نُتِجت في ملكه، أو قطيعة من إمام أوْ لا) يعنى: أو لم تشهد بذلك على الأصح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " البينة على المدَّعِي. واليمين محلى المدَّعَى عليه " (٣) . فجعل جنس البينة في جنبة المدعي فلا يبقى في جنبة المدعى عليه بينة.


(١) أخرجه أبو داود في " سننه " (٣٦١٣) ٣: ٣١٠ كتاب الأقضية، باب الرجلين يدعيان شيئاً وليست لهما بينة.
(٢) في أ: أي أحد المتنازعين فيه.
(٣) سبق تخريجه ص (٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>