للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(و) قول الإنسان لغيره: (أسألك بالله لتفعلنَّ، نيته) يعني: إن نوى بذلك اليمين انعقدت؛ كما لو لم يقل أسألك. (فإن أطلق) بأن لم ينو شيئا: (لم تنعقد)؛ كما لو نوى غير اليمين.

(ويصح قسم بغير حروفه) أي: بدون ذكر حرف القسم؛ (كـ) قوله (الله لأفعلن جرًا) أي: بجر الاسم الكريم (ونصباً) أي: بنصب الاسم الكريم؛ لأن كلا من الجر والنصب بدون حرف القسم لغة صحيحة، وقد ورد به عرف الإستعمال في الشرع، فروى ابن مسعود: " أنه لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه قتل أبو جهل قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " إنك قتلته؟ قال: الله إني قتلته " (١)

وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة لما طلق إمرأته: " ألله ما أردت إلا واحدة " (٢)

(فإن نصبه) أي: نصب الاسم الكريم (بواو) أي: مع الواو، (أو رفعه معها) أي: مع الواو (أو دونها: فيمين) أي: فذلك يمين منعقدة إذا لم يكن الحالف من أهل العربية؛ لأن من لا يحسن العربية لا يفرق بين الرفع والجر والنصب. فالظاهر مع اقتران الجواب به إرادة اليمين.

(إلا أن لا ينويها) أي: ينوي اليمين (عربي) أي: حالف من أهل العربية فلا تكون يميناً؛ لأنه إذا قاله مرفوعاً لم ينصرف إلى اليمين؛ لأن المقسم به لا يكون مرفوعاً وإنما هو مبتدأ أو عطف على شيء تقدم، وكذلك النصب مع الواو، فإن الواو هنا لا تكون إلا عاطفة، إذ لو كانت واو القسم لجرت. فإذا كان من أهل العربية لم يكن ذلك يميناً في حقه؛ لأن عدوله إلى الإعراب الذي يُعدل به اللفظ عن القسم دليل على أنه لم يرد اليمين. إلا إذا نوى اليمين فتنعقد اليمين؛ لأن اقتران الجواب به يدل على إرادة اليمين. وإنما لم يكن يميناً منه إذا لم ينوه؛ لأن ظاهر حاله إرادة غيره. فإذا نوى اليمين فهو لاحن واللحن لا يقاوم النية فلا يرفعها؛ كما إذا لحن في القرآن فإن لحنه لا يخرجه عن كونه قرآنا.


(١) أخرجده أحمد في " مسنده " (٤٢٤٦) ١: ٤٤٤.
(٢) أخرجه الترمذي في " جامعه " (١١٧٧) ٣: ١٧ كتاب الطلاق، باب ما جاء في الرجل يطلق إمرأته البتة.

<<  <  ج: ص:  >  >>