للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وبين يأجوج ومأجوج سداً كبيراً من حديد وأنهم لا يتسطيعون نقبه إلا عند اقتراب الساعة.

الخامس: أنه ثبت في النصوص أنه إذا خرجت إحدى الآيات العظام، تتابعت على إثرها باقي الآيات كما يتتابع الخرز في النظام، وأمم الكفر لهم أمد طويلة على هذه الحال، ومع ذلك لم يخرج شيء من الآيات العظام.

السادس: أن أمم الكفر على اختلاف أجناسهم وأوطانهم كانوا موجودين في جميع الجهات في زمان الرسول صلى الله عليه وسلم وقبل زمانه وبعد زمانه ولم يؤثر عنه أنه قال إنهم هم يأجوج ومأجوج، ولم يؤثر ذلك عن أحد من الصحابة والتابعين ولا من جاء بعدهم من العلماء المتقدمين.

السابع: أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يأجوج ومأجوج إذا خرجوا يمر أولهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، وأمم الكفر المياه عندهم متوفرة فضلاً عن أن يشربوا بحيرة طبرية١.

هذه بعض الأوجه التي يتبين بطلان قول من قال إن يأجوج ومأجوج هم دول الكفر الموجودة الآن.

وفيما يلي أعرض جملة من أدلة القائلين بهذا القول مع بيان عدم دلالتها على ما ذهبوا إليه.

فمن أدلتهم قولهم:

إن يأجوج ومأجوج من بني آدم وليسوا من الجن ولا من عالم غيبي آخر، وهم على سطح الأرض، ومع ذلك لم يرهم أحد من السائحين في الأرض؟

والجواب عن ذلك أن يقال: لا شك أن يأجوج ومأجوج من بني آدم، وأنهم على سطح الأرض كما دل على ذلك الكتاب والسنة، ولكن لا يلزم من كونهم كذلك أن يراهم أحد؛ لأن الله سبحانه قادر على كل شيء، ومن ذلك أن يمنع الناس من رؤيتهم ويحجب أبصارهم عن مشاهدتهم.

وقد أجاب عن هذه الشبهة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في كتابه أضواء البيان بعد أن ذكر أن هذه الشبهة هي عمدة القائلين بهذا القول:

فقال: "فقولكم لو كانوا موجودين وراء السد إلى الآن لاطلع عليهم الناس، غير


١ انظر الاحتجاج بالأثر على من أنكر المهدي المنتظر من ٣٠٨ إلى ٣٥٨.

<<  <   >  >>