للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعروة هو الابن الثاني لحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته الزبير بن العوام رضي الله عنه ومع أنه أدرك بعض كبار الصحابة، وبعض أمهات المؤمنين كخالته عائشة رضي الله عنها والتي كانت أهم مصادره،إلا أنه لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم فلم يُعدُّ في الصحابة. بخلاف أخيه عبد الله الذي كان من صغار الصحابة، ومع ذلك فإنه يعتبر من كبار التابعين وفضلائهم، بل من فقهائهم المعدودين، فهو أحد فقهاء المدينة السبعة المشهورين. كان ثقة كثير الحديث عالماً مأمونًا ثبتًا، لم يدخل في شيء من الفتن، ولقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه، وهو أوَّل من صنَّف المغازي، قال الزهري: كان عروة بحرًا لا ينزف، ولا تكدَّره الدلاء، أصابته في رجله الأكلة فأرادوا قطعها، فأمرهم أن يقطعوها وهو يصلي، فنشروها وهو قائم يصلي وهو صامت لا يتكلم. توفي رحمه الله سنة ثلاث وتسعين١.

أما الزهري: فهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، اشتهر بفصاحة اللسان والكرم والسخاء الشديد. اتصف منذ صغره بالجد والاندفاع نحو العلم والوعي العظيم. أخذ علمه من أبناء الصحابة والتابعين الأوائل، وكان أشد الناس تأثرًا به عروة بن الزبير. اشتهر الزهري بالوعي والصدق والأمانة وشدة التدين، كان شديد الحرص على تدوين كل ما كان يسمعه من شيوخه. حظي الزهري باحترام الخلفاء من بني أمية الذين رافقهم بصفة العالم الصادق فلم يرائي أو يتملق، وكان يجهر بالحق عند الحاجة بلا اعتبار للعواقب، قال عنه مالك بن أنس: "ما أدركت بالمدينة فقيهًا محدثًا مثل الزهري". وقال معمر: كنا نرى أنا قد أكثرنا عن الزهري حتى قُتل الوليد فإذا الدفاتر قد حملت على الدواب من خزائنه من علم الزهري. توفي رحمه الله سنة أربع وعشرين ومائة٢.


١ انظر خليفة بن خياط، الطبقات (٢٤١) ،وابن كثير، البداية والنهاية (٥/١٠٧-١٠٨) .
٢ انظر محمد بن سعد، الطبقات الكبرى (٢/٣٨٨-٣٨٩) ، ومحمد بن حبان البستي، مشاهير علماء الأمصار (٦٦) ، وابن كثير، البداية (٩/٥٤-٣٥٨) .

<<  <   >  >>