للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"اجلسوا مكانكم فإني منطلق ومتلطف للبواب لعلي أن أدخل"١ فأقبل عبد الله –وكان قد فكر بحيلة يستطيع بها خداع البواب فيدخل دون أن يفطن إليه فلما دنا من الباب" تقنع بثوبه كأنه يقضي حاجته٢. وقد دخل الناس فهتف البواب: يا عبد الله٣ إن كنت تريد أن تدخل فادخل فإني أريد أن أغلق الباب٤، قال عبد الله: "فدخلت ثم اختبأت في مربط حمار عند باب الحصن٥ فتعشوا عند أبي رافع وتحدثوا حتى ذهبت ساعة من الليل، ثم رجعوا إلى بيوتهم، فلما هدأت الأصوات، ولا أسمع حركة خرجت، قال: ورأيت صاحب الباب حيث وضع مفتاح الحصن في كوة٦ فأخذته ففتحت به باب الحصن"٧، "فجعلت كلما أفتح بابا أغلقت عليَّ من داخل، قلت: إن القوم نذروا بي لم يخلصوا إليَّ حتى أقتله، فانتهيت إليه فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله، لا أدري أين هو من البيت؟ "٨ وهنا يتذكر عبد الله رضي الله عنه وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن هو ضرب على غير هدى كخبط عشواء لربما أصاب بعض عياله أو نسائه، لأجل ذلك صاح به ليعرف مكانه "أبا رافع، قال: من هذا؟ "٩ يقول عبد الله: "فأهويت نحو الصوت فأضربه ضربة بالسيف وأنا دهش فما أغنيت شيئا وصاح، فخرجت


١ المصدر السابق.
٢ أي يتبول أو يتبرز وكان الناس في ذلك العهد تعودوا على قضاء حوائجهم خارج بيوتهم، وقد حققت له هذه الحيلة على بساطتها ما كان يهدف إليه حيث ظن البواب أنه من أهل الحصن يقضي حاجته خارجه، فهتف به للدخول غير شاك به.
٣ لم يُرِد اسمه العلم لأنه لو كان كذلك لكان قد عرفه، فالذي يظهر أنه أراد معناه الحقيقي لأن الجميع عبيد الله. ابن حجر، فتح (٧/٣٤٣) .
٤ من رواية يوسف بن موسى عند البخاري. ابن حجر، فتح (٧/٣٤١) .
٥ كأنه كان للحصن بابان، باب من داخل، وآخر من خارج.
٦ الكوة: بفتح الكاف وبضم، والكوة: الخرق في الحائط، وقيل بالفتح غير النافذة، وبالضم النافذة. ابن حجر، فتح (٧/٣٤٣) ، والقاموس، مادة (كوه) .
٧ من رواية أحمد بن عثمان عند البخاري. ابن حجر، فتح (٧/٣٤٢) ،وانظر البيهقي، دلائل (٤/٣٥) .
٨ من رواية يوسف بن موسى. ابن حجر، فتح (٧/٣٤١) ، وانظر البيهقي، دلائل (٤/٣٧) .
٩ المصدر السابق.

<<  <   >  >>