للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعراف: ١٤٣] .

لا يعني: وخلقه دكًّا. ومثله في القرآن كثير.

فهذا وما كان على مثاله لا يكون على معنى: خلق، فإذا قال الله: جعل، على معنى خلق، وقال: جعل، على غير معنى خلق، فبأي حجة قال الجهمي: جعل على معنى خلق؟ فإن رد الجهمي الجعل إلى المعنى الذي وصفه الله فيه، وإلا كان من الذين يسمعون كلام الله، ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه، وهم يعلمون١.

فلما قال الله: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف: ٣] .

وقال: {لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: ١٩٤، ١٩٥] .

وقال: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ} [مريم: ٩٧] .

فلما جعل الله القرآن عربيًّا ويسره بلسان نبيه -صلى الله عليه وسلم- كان ذلك فعلاً من أفعال الله -تبارك وتعالى- جعل القرآن به عربيًّا يعني: هذا بيان لمن أراد هداه الله مبينًا، وليس كما زعموا معناه: أنزلناه بلسان العرب. وقيل: بيناه، ثم إن الجهم ادعى أمرًا آخر، وهو من المحال.

فقال: "أخبرونا عن القرآن أهو الله أو غير الله؟


١ انظر: الإبانة "١٦٢/٢-١٦٥".

<<  <   >  >>