[الطلب الرابع: إثبات أن السنة هي المصدر الثاني بالمعقول]
...
المطلب الرابع: إثبات أن السنة هي المصدر الثاني بالمعقول
إن الدليل العقلي من الأدلة التي يعتدّ بها شرعاً في الإقناع، وقد أعلى سبحانه من شأن العقل في مواضع عديدة في القرآن، منها قوله تعالى:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الزمر: ٤٢] ، كما أمر سبحانه بإعمال العقل في التفكر والتدبر، ومن ثم الوصول إلى الحقيقة، وذلك في مجالات كثيرة منها قوله تعالى:{أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ}[الغاشية: ١٧] . لهذا كان من المهم ونحن نثبت السنة مصدرًا ثانيًا من مصادر التشريع الإسلامي أن نشير إلى الدليل العقلي الذي اشتمل على وجهين:
الوجه الأول: إن القرآن الكريم مقطوع به جملة وتفصيلاً، والقطع في السنة إنما يصح في الجملة لا في التفصيل، وذلك أن آيات القرآن الكريم متواترة عن الرسول صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام، عن رب العزة جل وعلا، معنى ذلك: أن جملة القطع جاءت من كون جميعه متواتراً من عند الله سبحانه وتعالى، أما تفصيل القطع فلأن كل آية من آياته تثبت بالتواتر بأنها من عند الله تعالى، بخلاف السنة، فإنَّ ما فيها من القطع في الحديث المتواتر في الجملة فقط، وهو قليل، والمظنون فيها كثير، والمعروف عقلاً أن المقطوع به مقدم على المظنون، فلزم من ذلك تقديم القرآن على السنة.