للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اختلفوا في هذا على النحو الآتي:

المذهب الأول: يرى أن شعر جميع الميتة طاهر، وهم الشافعية، والحنابلة، وما عليه الحنفية في إحدى الروايتين عندهم، والمالكية فيما نقله ابن رشد عن سماع أشهب، وجاء في نص المدونة والرسالة باستحباب غسل الشعر إذا جز، ونقل عن ابن حبيب بوجوب الغسل مطلقا، والصحيح في مذهب المالكية وجوب غسل الشعر إذا تيقنت إصابته بالنجاسة.

المذهب الثاني: وهو القول الصحيح عند الحنفية أن شعر ميتة الخنْزير نجس وأضاف محمد بن الحسن شعر ميتة الفيل كذلك.

الأدلة: استدل أصحاب المذهب الأول بما يأتي:

أ – قوله تعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ} ١.

حيث امتن الله سبحانه في هذه الآية على عباده ببعض النعم، وهي أنهم ينتفعون في حياتهم الدنيا بأصواف الشياه وأوبار الإبل وأشعار الماعز، فعم بالإباحة والانتفاع حال الحياة والموت، فقد ورد ذلك بلفظ العموم الشامل لإباحة الانتفاع حال الحياة والموت على السواء.

ب- ما روى عن أم سلمة رضي الله عنها: أنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا بأس بمسك الميتة إذا دبغ ولا بأس بصوفها وشعرها وقرونها إذا غسل بالماء" ٢ مع مراعاة الخلاف عند المالكية بشأن مسألة الغسل على ما تقرر في أصل المذهب، وبما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "إنما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الميتة لحمها، وأما الجلد والشعر والصوف فلا بأس به" ٣.

فهذه النصوص ونحوها تفيد طهارة شعر الميتة وصوفها ونحوهما، وهذا ما قال به أصحاب المذهب الأول.


١ سورة النحل: الآية ٨٠.
٢ الحديث سبق تخريجه صفحة ٦٦.
٣ أثر ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه الدارقطني ١/٤٧، والبيهقي في السنن ١/٢٣.

<<  <   >  >>