للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخالف محمد في بيع عظم الفيل، فمنع بيعه خلافاً للشيخين.

" ... والفيل كالخنْزير نجس العين عند محمد رحمه الله وعندهما: بمنْزلة السباع حتى يباح عظمه وينتفع به ... " ١.

وجاء في بدائع الصنائع: " ... أما عظم الخنْزير فلا يجوز بيعه ... وأما شعره فقد روي أنه طاهر يجوز بيعه، والصحيح أنه نجس لا يجوز بيعه ... وروي عن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمها الله أنه لا بأس ببيع عظم الفيل، وقال محمد -رحمه الله- عظم الفيل نجس لا يجوز بيعه ولا الانتفاع به"٢.

وهكذا: فالحنفية لا يمنعون بيع عظم الميتة إلا عظم الخنْزير؛ حيث اتفقوا على منع بيع عظم الخنْزير لنجاسته بنجاسة أصله، في حين أنهم مختلفون بشأن حكم بيع عظم الفيل، حيث منع بيعه محمد بن الحسن لنجاسته ولعدم الانتفاع به، خلافا لما روى عن الإمام أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله من أنه لا بأس ببيع عظم الفيل.

مذهب المالكية: اختلف فقهاء المالكية في حكم بيع عظام الميتة وقرونها وأظلافها والانتفاع بها، فقيل يجوز بيعها، وقيل لا يجوز وهو المشهور، ونقل عن ابن عرفة٣ عن أصبغ٤ أنه قال: إذا وقع البيع بعد صلق العظم فلا يفسخ إن فات، وأما إذا وقع البيع قبل صلق العظم فسخ مطلقاً، وهو قول مبني على القول بطهارة العظام بالصلق.


١ الهداية للمرغيناني ٦/٤٢٧.
٢ الكاساني ٥/١٤٢.
٣ هو محمد بن محمد بن عرفة الورغمي إمام تونس وعالمها وخطيبها ومفتيها، قدم للخطابة سنة ٧٧٢?، وللفتوى سنة ٧٧٣?، كان من كبار فقهاء المالكية، تصدى للدرس بجامع، تونس وانتفع به خلق كثير، توفي سنة ٨٠٣? من تصانيفه "المبسوط" و"الحدود". راجع: الديباج المذهب لابن فرحون ٢/٣٣١، والأعلام للزركلي ٧/٢٧٢.
٤ هو أصبغ بن الفرج بن سعد بن نافع مولى عبد العزيز بن مروان من أهل الفسطاط، فقيه من كبار المالكية بمصر، رحل إلى المدينة إلى مالك ليأخذ عنه فدخلها يوم مات، وصحب ابن القاسم وابن وهب، وقدمه بعضهم على ابن القاسم، توفي رحمه الله بمصر سنة ٢٢٥?. راجع: الأعلام للزركلي ١/٣٣٦، والديباج المذهب لابن فرحون ١/٢٩٩.

<<  <   >  >>