للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الميتة في مجملها لنجاستها.

ونوقش هذا: بأن المراد من هذه الآية الكريمة إنما هو حرمة الأكل، وذلك لأن الله سبحانه قد أخبر في قوله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} ١، بما يفيد أن التحريم مقصور على ما يتأتى به الأكل، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قد صرح بذلك حين قال: "إنما حُرم أكلها" ٢ يعني الميتة، ولما كان العظم وما يشابهه كالصوف وخلافه ليس من المأكولات فإن التحريم الوارد في الآية التي تمسكتم بها لا يشمله وبالتالي فلا ينصرف عليه حكم المنع من البيع الذي قلتم به٣.

ب- أن الحياة تحل بالعظام كاللحم وذلك عملاً بقوله سبحانه: {قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ*قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} ٤.

والمقرر أن دليل الحياة هو الإحساس والألم، وهما موجودان في العظم فضلاً عن أن العظم ونحوه ينمو بنمو الجسم، وهذا يؤكد أن فيه الحياة التي يحلها الموت فتتحقق نجاسته بالموت، ويترتب على هذا القول بعدم جواز بيعه قياساً على أصل الميتة٥.

ونوقش هذا: بأن النمو والكبر لا يدل على الحياة ضرورة، حيث إن الشجرة والنبات يحدث لهما النماء رغم عدم الحياة فيهما، فضلاً عن عدم التسليم بأن العظم يتألم ويحس بتألم وإحساس اللحم المتصل به٦.


١ سورة الأنعام: الآية ١٤٥.
٢ ذكر بعض العلماء أن المراد بهذا السمك والجراد. راجع: السنن الكبرى ١/٢٣ - ٢٤، وسنن الدارقطني ١/٤٧ - ٤٨.
٣ أحكام القرآن للجصاص ١/١٤٨ - ١٤٩.
٤ سورة يس: الآيتان ٧٨ - ٧٩.
٥ مواهب الجليل للحطاب ٤/٢٦١.
٦ المبسوط للسرخسي ١/٢٠٣ - ٢٠٤.

<<  <   >  >>