للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وانكسار وإن لم ينته إلى حد الإسكار"١.

فالمفتر في اصطلاح الفقهاء: هو كل ما يورث الفتور والخدر في الأطراف، وذلك كأثر لتناول الحشيش الذي يسكر ويخدر ويفتر ويلحق بالحشيش الأفيون، وكل ما من شانه أن يترتب على تناوله نفس الآثار والنتائج مع اختلاف مسمياتها، وذلك لأن عبارات الفقهاء تدور في مجملها حول هذه المعاني.

فالفتور والرخاوة في الأعضاء والخدر في الأطراف والاسترخاء والوهن والانكسار، كل هذه المعاني هي المناط في تحقيق الفتور طالما أنه لم يحدث الإسكار باعتبار أن ذلك الفتور يعد مقدمة للإسكار ولم يصل إلى حده.

فالتعاريف متفقة في معناها، وإن اختلفت اختلافاً طفيفاً في التعبير عن هذا المعنى، وهذا الاختلاف في اللفظ والعبارة فقط، ولا أثر له طالما أن الاتفاق حاصل بالنسبة للمعنى المراد للفقهاء.

هذا: والمخدرات والمفترات يتفرع حكمها من حيث التناول وكذا البيع وخلافه على حكم الخمر، فالمخدرات ترتبط بالخمر بعلة التحريم وهي الإسكار، وما يترتب على تعاطيها من ضرر بإذهاب العقل وإفساده كما هو الحال في تناول الخمر، وترتبط كذلك بالخمر في كونها نجسة على قول من قال بهذا حيث جرى الخلاف بين العلماء بشأن نجاسة المخدرات، حيث عرض ابن تيمية في فتاويه لهذا الخلاف قائلاً: تنازع الفقهاء في نجاستها على ثلاثة أقوال: في مذهب أحمد وغيره: فقيل: هي نجسة كالخمر المشروبة وهذا هو الاعتبار الصحيح، وقيل: لا لجمودها وقيل: يفرق بين جامدها ومائعها وبكل حال فهي داخلة فيما حرمه الله ورسوله من الخمر والمسكر لفظاً ومعنى٢.

وفي موضع آخر من الفتاوى قال: "وتنازعوا في نجاستها على ثلاثة أوجه في مذهب أحمد وغيره فقيل: هي نجسة وقيل: ليست بنجسة وقيل: رطبها نجس كالخمر


١ محمد شمس الحق آبادي ١٠/٩١.
٢ راجع: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية ٢٨/٢٤٠.

<<  <   >  >>