للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقوله: "من بعيد" مشيراً على أن هذه العلامة ليست هي من أرض إسرائيل١ التي تكلم فيها إشعيا هذه الإشارة، أي [قوله] "ويرفع علامة للأمم" بل من أرض بعيدة، وإيضاح ذلك قد يظهر من العدد الذي يتلوه، حيث يكشف هذا الرمز بقوله: "ويصفر به من أقصى الأرض"، فقوله: "من أقصى الأرض"، يكشف أنه ليس من أرض إسرائيل ترفع العلامة، بل إنها ترفع من بعيد من أقصى الأرض، حيث رمز عنها بهذا الكلام، فكأنه يقول: إن نهاية وأقصى أرض إسرائيل هي الأرض التي خرج منها نبينا صلى الله عليه وسلم، أعني: مكة المشرفة، التي هي عند أقصىأرض إسرائيل، لأن إقليم العرب لا فاصل بينه وبين أرض الموعد٢.


١ أرض إسرائيل: مراده الأرض التي كان يسكنها بنو إسرائيل في زمن إشعيا.
٢ أرض الموعد: المراد بها عند اليهود ما وعد الله به إبراهيم عليه السلام، وذكروه في التكوين ١٥:١٨ "لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات" فهذه أرض الموعد عندهم، ولو صح هذا النص فإن الأرض المذكورة قد صارت ملكاُ لأبناء ابراهيم الذين هم أبناء اسماعيل وإسحاق وذريتهما، وليس كما يدعي اليهود أنها خاصة ببني اسرائيل فقط، لأن تخصيصها ببني اسرائيل دليل على عدم صحتها، لأن بني اسرائيل لم يمتد ملكهم في أي فترة من فترات تاريخهم الى المساحة التي يزعمون أنها من النيل الى الفرات، فتخصيصها بهم دليل على عدم صحتها، مع أن منطوقها لايدل على ذلك بل يدل على عموم أبناءابراهيم عليه السلام. وأرض الموعد حولها النصارى إلى الإيمان بالموعد أو الوعد، وهو الإيمان بالمسيح، أو أن الله سيرسل المسيح عليه السلام، فمن آمن به على ما يعتقدون فقد نال الموعد أو الوعد. انظر: قاموس الكتاب المقدس ص١٠٣٠.وقد استخدمها المصنف رحمه الله فيما يظهر على المعنى الذي يقصده اليهود، وهي المنطقة المتاخمة للجزيرة العربية من ناحية الشمال.

<<  <   >  >>