أحكامنا الدينية –نحن الغربيين- شديدة الاختلال" (١) .
إذن فالواضح أن المستشرق بين أن يكون علمانيا لا يؤمن بالغيب وبين أن يكون نصرانيا أو يهوديا لا يؤمن بصدق الرسالة التي أعقبت النصرانية لا يمكنه أن ينضج دراسة موضوعية عن السيرة النبوية، فالخلفية الدينية أو الإيديولوجية لها أثرها البالغ في توجيه المواقف وتحديد التوجهات، وفيما يلي محاولة تقريبية وتصنيفية لأبرز خلفيات المستشرقين الفرنسيين في دراسة السيرة النبوية.
الخلفية النصرانية:
في الوقت الذي ينظر فيه المسلمون إلى السيد المسيح وبقية الأنبياء نظرة احترام وتقدير، يؤمنون بما أنزل إليهم ويرفعونهم إلى مقام العفة والطهر نجد النصارى على العكس من ذلك يقفون موقفا عدائيا من الرسول صلى الله عليه وسلم. وهو الموقف الذي يتسم بالتكذيب لنبوته وتشويه شخصيته واتهامه بأقذع الأوصاف والنعوت ومختلف أنواع الشتم والتجريح البذيء، وأسباب هذه المواقف العدائية تعود بالأساس إلى الامتعاض وعدم تقبل ما جاء به الإسلام من فكرة نسخ الدين الجديد لباقي الديانات فضلا عن شعور النصارى الجارف بأن الإسلام قد أوقف الإنسانية باتجاه النصرانية دون انتشارها. والمستشرقون الفرنسيون ذوو الخلفية النصرانية المتشددة والذين اهتموا بدراسة السيرة النبوية كثر، لكن اشتهر منهم بعض ممن كان لهم دور بالغ في تشويه
(١) هاملتون جب: دراسات في حضارة الإسلام: ترجمة إحسان عباس ورفاقه، دار العلم للملايين بيروت ١٩٦٤م ص ٢٣٥.