للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حصول تمام الأخلاق وكمالها التي سعى لقمان لغرسها في فؤاد فلذة كبده وثمرة فؤاده.

وكذلك إن كان علو الصوت من النساء كان الأمر أعظم.

وفي ذلك يقول الحطاب الرُّعيني المالكي في مواهب الجليل: «رفع الصوت في حق النساء مكروه مع الاستغناء عنه لما فيه من الفتنة وترك الحياء، وإنما تُسْمِعُ المرأة نفسها» (١).

ويبين ابن جماعة الكناني آداب الكلام والمتكلِّم فيقول: «ولا يسرد الكلام سردًا، بل يرتله، ويرتبه، ويتمهل فيه؛ ليفكر فيه هو وسامعه».

وما ذكره ابن جماعة آنفًا مما يعين على خفض الصوت وإفهام السامع إذ يمتنع على من تأدب بتلك الآداب في المخاطبة والمحادثة أن يعلو صوته على محدثيه وسامعيه؛ لأن مادة الغضب قد تصاغرت وذهبت وانحدرت أمام تلك الأخلاق الفاضلة السامية والآداب الكريمة العالية.

وقال ابن جماعة أيضًا: «ألَّا يرفع صوته زائدًا على قدر الحاجة، ولا يخفضه خفضًا لا يحصل معه كمال الفائدة».

وقال أيضًا: «والأولى ألَّا يجاوز صوته مجلسه، ولا يقصر عن سماع الحاضرين؛ فإن حضر فيهم ثقيل السمع فلا بأس بعلو صوته بقدر ما يسمعه، إذ رفع الصوت أكثر مما يحتاج إليه السامع، ففي ذلك رعونة وإيذاء» (٢).

ويؤيده كلام ابن كثير حيث يقول: «وَقَوْلُهُ: {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} [لقمان: ١٩] أَيْ: لَا تُبَالِغْ فِي


(١) مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، تأليف: شمس الدين أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي المغربي، المعروف بالحطاب الرُّعيني المالكي (المتوفى: (٩٥٤ هـ). الناشر: دار الفكر- الطبعة: الثالثة (١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م) عدد الأجزاء: (٦)، (جـ ٣) (ص ٣٢٥).
(٢) تَذْكِرَةُ السَّامِعِ والمُتَكَلِّم في أَدَب العَالِم والمُتَعَلِّم (ص ٦٤) وما بعدها.
تأليف: بدر الدين أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعد الله ابن جماعة الكناني، المتوفى سنة (٧٣٣ هـ) - عدد الأجزاء: (١)، مكتبة مشكاة الإسلامية، وينظر: أيضًا: مع المعلمين (جـ ١) (ص ٨٩).

<<  <   >  >>