للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول ابن سعدي: «أي: امش متواضعًا مستكينًا، لا مشي البطر والتكبر، ولا مشي التماوت» (١).

وأما حقيقة التواضع: فتتمثل في الإذعان للحق وعدم رده وقبوله من أي مخلوق كائنًا من كان، وتتمثل في خفض الجناح للمؤمنين تواضعًا لهم، وأداء الحقوق لأهلها بلا امتنان ولا تفضل.

يقول الجنيد بن محمد: «التواضع هو: خفض الجناح ولين الجانب» (٢).

وأما حقيقة الكبر: فتتمثل في بطر الحق ورده وعدم قبوله، ورؤية النفس ومحاولة رفعها وإعلائها بالكبر وإنزالها منزلة غير منزلتها، تعظيمًا وإكبارًا وإجلالًا لها، وغمط الناس واستصغارهم وازدرائهم تحقيرًا لهم.

وفي الحديث: «الكبر: بطر الحقِّ وغمط النَّاس» (٣).

يقول ابن القيم: «فسَّر النَّبي -صلى الله عليه وسلم- الكِبْر بضده فقال: «الكِبْر بطر الحق، وغمص الناس» (٤).

فبطر الحق: رده، وجحده، والدفع في صدره، كدفع الصائل.

وغمص الناس: احتقارهم، وازدراؤهم، ومتى احتقرهم وازدراهم: دفع حقوقهم وجحدها واستهان بها» (٥).

وحول الأسباب التي يتحقق بها التواضع يقول الإمام ابن القيم:

التواضع يتولد من العلم بالله سبحانه، ومعرفة أسمائه وصفاته، ونعوت جلاله، وتعظيمه، ومحبته وإجلاله، ومن معرفته بنفسه وتفاصيلها، وعيوب عملها وآفاتها، فيتولد من بين ذلك كله


(١) ابن سعدي (٦/ ١٣٥٣).
(٢) مدارج السالكين (٢/ ٣٢٩).
(٣) مسلم (٩١) من حديث ابن مسعود ا.
(٤) وكلمة: (غمص) رواية في الحديث، وهي بمعنى غمط، ينظر: مشارق الأنوار (٢/ ١٣٥).
(٥) مدارج السالكين (٢/ ٢١٨).

<<  <   >  >>