من رواية الأوزاعي: عن عبد الرحمن بن حرملة عن ابن المسيب فإنها مفسرة ومبينة لرواية ابن كثير عن ابن المسيب أن لقمان كان من (سودان مصر)، وقوله: ثلاثة من (السودان): بلال، ومهجع مولى عمر، ثم أعقبها ولقمان الحكيم كان أسود (نوبيًّا).
وبذلك يمكن الجمع بين قولي ابن المسيب رحمه الله تعالى: بأنه يعني بسودان مصر (النوبة)، والله أعلى وأعلم وأَجَلُّ.
بما سبق بيانه من أقوال في موطنه يجتمع لدينا عدة روايات تنسبه لأربعة مواطن، وهي:
١ - الحبشة.
٢ - النوبة.
٣ - سودان مصر.
٤ - السودان (١).
ولقد تعددت الروايات الواردة في ذكر موطنه، وأنه من النوبة، وأنه من (سودان مصر)، وأنه كان (حبشيًّا) وعليه الأكثرون، وأنه من (السودان)، فتعدد هذه الروايات لا إشكال فيه أيضًا، فإن المتأمل في صفات لقمان الخِلقية يجد أنها متناسقة ومتطابقة مع الصفات الخِلقية لسكان هذه البقاع المتجاورة والمتلاصقة من الشمال الشرقي للقارة الإفريقية، والتي تجمع أقصى شمال السودان، وهي منطقة (وادي حلفا) وما جاورها، وأقصى جنوب مصر وهي منطقة (النوبة)، ولعله كان له تنقل بين هذه البقاع، والتي تجمعها طبيعة جغرافية وسكانية واحدة، من جهة اللغة والعادات الاجتماعية والأعراف والنشاط السكاني، والروايات التي تذكر أنه من أيلة مع قلتها وندرتها لا تقاس بنسبته إليها مع نسبته إلى القارة الإفريقية، ولعل عمره الطويل كان له تأثير في انتقاله من مكان إلى مكان ومن مهنة إلى مهنة، والله أعلى وأعلم.
(١) ويُقال: أن بلاد السودان في كلام القدماء يراد به بلاد جنوب الصحراء الكبرى لا دولة السودان التي اختصت بهذا الاسم دون غيرها، وإنما خصها بهذا الاسم الإنجليز منذ أقل من (١٢٠) سنة فقط، والله أعلم.