ثالثاً: أجوبة العلماء عن قصة السُّمِّ الذي وُضِعَ له - صلى الله عليه وسلم -:
للعلماء في الجواب عن هذه الحادثة ثلاثة مذاهب:
الأول: أنَّ ما حصل له - صلى الله عليه وسلم - من وضع السم لا يُعارض الآية؛ لأن المراد عصمته من القتل حال تبليغه للوحي، والمعنى: بلغ، وأنت حال تبليغك معصوم، ولهذا لم يعتدِ عليه - صلى الله عليه وسلم - أحدٌ أبداً حال تبليغه.
وهذا مذهب: الشيخ محمد بن صالح العثيمين. (١)
وبنحوه قال ابن عطية (٢)، وذكره الآلوسي في تفسيره (٣).
المذهب الثاني: أنَّ المراد عصمته من القتل على وجه القهر والغلبة والتسليط، وأنَّ هذا لم يقع.
ذكره: ابن مفلح. (٤)
المذهب الثالث: أنَّ ما رُويَ من وجود الألم وانقطاع أبهره - صلى الله عليه وسلم -: مرسل أو منقطع، وهذه الرواية لا تقاوم الرواية المتفق على صحتها، التي لم يذكر فيها أنَّ السم أثر فيه - صلى الله عليه وسلم -.
ذكره: ابن مفلح. (٥)
[المبحث الخامس: الترجيح]
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه ـ والله تعالى أعلم ـ أنَّ الله تعالى ضمن لنبيه - صلى الله عليه وسلم - العصمة من القتل فقط، دون العوارض التي تعرض للبدن، فتكون الآية من العام الذي أريد به الخصوص، وما تعرَّض له النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأذى في أحد، ومن السحر والسم، لا يُنافي العصمة؛ لأن شيئاً من ذلك لم يكن له أثر على
(١) تفسير ابن عثيمين، البقرة (١/ ٢٨٤).
(٢) المحرر الوجيز، لابن عطية (٢/ ٢١٨).
(٣) روح المعاني، للآلوسي (٦/ ٤٩٩).
(٤) الآداب الشرعية، لابن مفلح (٣/ ٩٣).
(٥) الآداب الشرعية (٣/ ٩٣).