للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مؤمنين أنتم فرط لنا ثمّ التفت إليّ فقال ويحها! لو استطاعت ما فعلت».

وهذا يدل على ما قلنا في الاستطاعة لأنه نفى عنها الاستطاعة في المكث دون الاتباع.

فإن قيل: يقولون إن الله كلف العبد ما لا يطيقه إلا به وهذا معنى قول المسلمين لا حول ولا قوة إلاّ بالله، ولذلك أمر الله عباده أن يقولوا:

{إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيّاكَ نَسْتَعِينُ}.

ولا تكون عبادة العبد إلاّ بمعونة الرب وقوله:

{لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها} [البقرة:٢٨٦].

فمعناه إلا ما يحل لها أو لا تعجز عن فعله بزمانه أو غيرها، أو أراد لا يكلف الله نفسا مؤمنة إلاّ وسعها لأنها نزلت في العفو عن المؤاخذة بحديث النفس وقد قال فيما علمنا:

{رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ}.

ولولا جواز ذلك لما علمنا هذه المسألة وإذا جاز تكليف ما قد علم أنه لا يكون فقد جاز تكليف مالا يوفق له ولا يعان عليه.

فإن قيل: أفتقولون إن في مقدور الله لطفا لو فعله بالكافر لآمن؟

قيل: نعم، وذلك اللطف هو القدرة التي بها يفعل الطاعة وهو ضد ما فعله بالكافر قال الله عز وجل:

{وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها} [السجدة:١٣].

قال: {وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل:٩٣].

وقال: {وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلاّ قَلِيلاً} [النساء:٨٣].

والآيات في هذا المعنى كثيرة، وكذلك الأخبار. ولا يجب على الله ذلك وهو متفضل في فعله: إن شاء فعل، وإن شاء ترك. ومن زعم أنه سوّى بين

<<  <  ج: ص:  >  >>