لأن من يريد الشيء على ما لا يكون خلافه فحكيم، ومن أراد أن يكون الشتم موجودا في الوقت الذي لم يزل به عالما أنه يكون فيه موجودا فحكيم، لأنه أراد الشيء في الوقت الذي كان يكون فيه. ومن أراد أن لا يكون مغلوبا مقهورا مكروها على كون ما لا يريد فحكيم والكلام في هذا يطول.
فإن قيل ما تقولون في استطاعة العبد؟
قيل: نقول هي قدرته وهي مع فعل العبد وهي توفيق من الله تعالى للطاعة وخذلان منه في المعصية قال الله عز وجل:
فنفى عنه استطاعة الصبر حين أراد أن ينفي عنه الصبر، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:
«كلّ ميسّر لما خلق له».
فدل انه في حال كسبه ميسّر، وتيسيره قدرته، ولأن المسلمين يقولون إنه لا يستطيع الخير إلاّ بالله وهو قبل كونه ليس بخير فدلّ على أنّ استطاعتهم تكون معه ولأنّ الاستطاعة سبب للفعل يوجد بوجودها ويعدم بعدمها فجرت مع الكسب مجرى العلة مع المعلول، ولا يصح تقدم العلة على المعلول فلا يصح تقدم الاستطاعة على الكسب.
١٩١ - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا أحمد بن يحيى الحلواني، ثنا علي بن حكيم الأودي، أنا شريك، عن يحيى ابن سعيد، وعاصم عن القاسم، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
«فقدت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فاتبعته فانتهى إلى المقابر فقال السّلام عليكم ديار قوم
١٩١ - أخرجه ابن السني (٥٨٤) من طريق عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر عن عائشة مرفوعا بلفظ «السّلام عليكم دار قوم مؤمنين أنتم لنا فرط وإنا بكم لاحقون اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تضلنا بعدهم وليس فيه «ويحها لو استطاعت ما فعلت».