للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الأخر يتشوق إلى أهله:

ولي كبد مكلومة لفراقكم ... أطمئنها صبراً على ما أجنت

تمنتكم شوقا إليكم وصبوة ... عسى الله أنَّ يدني لها ما تمنت

وعين جفاها النوم واعتادها البكا ... إذا عن ذكر القيروان استهلت

وقال تميم بن جميل بين يدي المعتصم، وقد قدم السيف والنطع ليقتله:

أرى الموت بين النطع والسيف كامنا ... يلاحظني من حيث ما أتلفت

واكبر ظني أنك اليوم قاتلي ... وأي امرئٍ مما قضى الله يفلت؟

وأي امرئ يدلي بعذر وحجةٍ ... وسيف المنايا بين عينيه مصلت؟

يعز على الأوس بن تغلي موقف ... يهز علي السيف فيه وأسكت

فما حزني إني أموت وإنني ... لأعلم أنَّ لموت شيء موقت

ولكن خلفي صبية قد تركتهم ... وأكبادهم من حسرة تتفتت!

كأني أراهم حين أنعى إليهم ... وقد خمشوا تلك الوجوه وصوتوا

فإن عشت عاشوا خافضين بنعمةٍ ... أذوذ الردى عنهم وإنَّ من موتوا

فكم قائل لا يعبد الله داره ... وآخر جذلان يسير ويشمت!

فعفا عنه المعتصم، واحسن إليه، وقلده عملا. ونحو البيت الأخير قول الأول:

إذا مت كان الناس صنفان شامت ... وآخر مثن بالذي كنت أصنع

وقال أبن رشيق:

أيّها الموحي إلينا ... نفثه الصل الصموت

ما سكتنا عنك عيا ... رب نطقٍ في السكوت

لك بيت في البيوت ... مثل بيت العنكبوت

إنَّ يهن وهنا ففيه ... حيلتا سكنى وقوت!

<<  <  ج: ص:  >  >>