المبحث الثاني: بيع الحبوب بأجناسها، وبغير أجناسها:
ومن الأموال الربوية المذكورة في الحديث: البر بالبر والشعير بالشعير، وليس الربا قاصرا على القمح والشعير، وإنما يدخل معه بطريق القياس جميع الأجناس التي تتحد معهما في العلة، وهي الطعمية فكل ما يتقوت به الإنسان، ويطعمه وعليها تقوم بنيته، فإنه من الأموال الربوية، فإذا بيع بجنسه فلا يصح إلا بثلاثة شروط:
الأول: المماثلة فيما يكال كيلا، وإن تفاوت في الوزن، وفيما يوزن وزنا وإن تفاوت في الكيل والعبرة، فيما يكال ويوزن بكيل الحجاز، ووزنه لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"المكيال مكيال أهل المدينة، والميزان ميزان أهل مكة" ١. وإن كان مما لا أصل له بالحجاز ألحق بأشبه الأشياء به في الحجاز، فيأخذ حكمه، وقيل: يعتبر بالبلد الذي فيه البيع؛ لأنه أقرب إليه، وقد ذكر الشيخ الشربيني الخطيب في ذلك قوله: والمعتبر في كون الشيء مكيلا، أو موزونا غالب عادة أهل الحجاز في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لظهور أنه اطلع على ذلك وأقره، وإن لم يكن في عهده، أو كان، وجهل حاله فيراعى فيه عادة بلد المبيع والمماثلة تكون في الحبوب حال كمالها، وهو وقت الجفاف، وتنقيتها شرط للمماثلة لا للكمال.
الثاني: أن يكون نقدا أي حالا دون تأخير في أحد العوضين؛ لئلا يدخل في بيع الكالئ بالكالئ أي بيع النسيئة بالنسيئة، كما قال أبو عبيدة، والنسيئة: التأخير في الدفع.
١ والحديث رواه ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم عنه أبو داود، والمنذري وأخرجه البزار، وصححه ابن حبان، والدارقطني "نيل الأوطار شرح منتقى الأخيار ج٢ ص٢٢٣".