٢- "ولم يكن ذلك له" أي: ما ينبغي له أن يكذبني -كما جاء في بعض الروايات- لأن القدرة التي خَلقت من العدم تستطيع أن تعيد ما خلقت قبلًا. ٣- "وشتمني عبدي" من الشتم وهو الوصف بما يقتضي النقص، ولا شك أن دعوى الولد لله يستلزم الإمكان المستدعي للحدوث، وذلك غاية النقص في حق الباري سبحانه وتعالى. ٤- "ولم يكن ذلك له" أي: ما ينبغي له أن يصفني بصفات النقص. ٥- "أما تكذبيه إياي أن يقول: لن يعيدنا كما بدأنا"، وفي حديث ابن عباس: "فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان"، ووقع في رواية الأعرج عن أبي هريرة الرد البليغ من المولى سبحانه وتعالى: "وليس أول الخلق بأهون عليَّ من إعادته". ٦- "وأما شتمه إياي أن يقول: اتخذ الله ولدا، وأنا الصمد"، وفي رواية ابن عباس: "فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولدًا" أي: أتنزه عن اتخاذ الزوجة والولد، وأنا السيد. قال البخاري: "والعرب تسمي أشرافها: الصمد، وقال أبو وائل: هو السيد الذي انتهى سؤدده". وقال ابن عطية المفسر: الصمد في كلام العرب: السيد الذي يصمد إليه في الأمور، ويستقل بها، وأنشد: ألا بكَّر الناعي بخير بني أسد ... بعمرو بن مسعود السيد الصمد وبهذا تفسر الآية {اللَّهُ الصَّمَدُ} لأن الله تعالى جلت قدرته هو موجد الموجدات وإليه تصمد، وبه قوامها، ولا غَنِيَّ بنفسه إلا الله تبارك وتعالى. وقال كثير من المفسرين: الصمد الذي لا جوف له، كأنه بمعنى المصمت. وقال الشعبي: الذي لا يأكل ولا يشرب. وقال ابن عطية: وفي هذا التفسير كله نظر؛ لأن الجسم في غاية البعد عن صفات الله تعالى. وقال الزمخشري: الصمد فعل بمعنى مفعول من صمد إليه إلى قصده، وهو السيد المصمود إليه في الحوائج. ٧- "لم ألد ولم أولد" لما كان الرب سبحانه واجب الوجود لذاته، قديمًا موجودًا قبل وجود الأشياء، وكان كل مولود محدثًا انتفت عنه الوالدية، ولما كان لا يشبهه أحد من خلقه ولا يجانسه حتى يكون لجنسه صاحبة فتتوالد انتفت عنه الولدية، ومن هذا قوله سبحانه وتعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ