للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به، بل أعطى كل جزء من أجزاء المخلوقات، وكل عضو من أعضاء الحيوانات خِلقته وهيئته. فلا يرى أحد في خلقه خللا ولا نقصا ولا فطورا، فلو اجتمعت عقول الخلق من أولهم إلى آخرهم ليقترحوا مثل خلق الرحمن، أو يقارب ما أودعه في الكائنات من الحسن والانتظام والإتقان لم يقدروا، وأنى لهم القدرة على شيء من ذلك وحسب العقلاء منهم أن يعرفوا كثيرا من حكمه....

النوع الثاني: الحكمة في شرعه وأمره، فإنه تعالى شرع الشرائع، وأنزل الكتب، وأرسل الرسل ليعرفه العباد ويعبدوه، فأي حكمة أجل من هذا؟....

فلو لم يكن في أمره وشرعه إلا هذه الحكمة العظيمة التي هي أصل الخيرات، وأكمل اللذات، ولأجلها خلقت الخليقة، وحق الجزاء، وخلقت الجنة والنار، لكانت كافية شافية.

هذا وقد اشتمل شرعه ودينه على كل خير، فأخباره تملأ القلوب علما ويقيناً وإيماناً وعقائد صحيحة، وتستقيم بها القلوب ويزول انحرافها، وتثمر كل خُلُق جميل، وعمل صالح وهدى ورشد. وأوامره ونواهيه محتوية على غاية الحكمة والصلاح والإصلاح للدين والدنيا. فإنه لا يأمر إلا بما مصلحته خالصة أو راجحة، ولا ينهى إلا عما مضرته خالصة أو راجحة....

وبالجملة فالحكيم متعلقاته: المخلوقات والشرائع. وكلها في غاية

<<  <  ج: ص:  >  >>