إلا أن اعتبار الزمان نهاراً له وجه معتبر في المثَل، حيث يدل على أن مصدر النور الذي هو الشمس موجود إلا أن صاحب الظلمات أوقع نفسه في مكان محجوب عن النور، وفي حال أوجبت أن يحال بينه وبينه.
قوله:{ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ} هذه الجملة فيها إجمال بعد تفصيل، وقد تضمن أسلوب المثَل إجمالاً ثم تفصيلاً ثم إجمالاً. وذلك أنه قال في أول المثَل:{أَوْ كَظُلُمَاتٍ} ثم فصلها وبين أنها مكونة من ظلمة قاع البحر الناتجة عن موج فوقه، وموج فوق الموج الأول، وسحاب فوق الجميع، ثم أجمل بقوله:{ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ} .
وقد تضمن قوله:{ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ} فائدة علمية في علم الضوء. وذلك أنه - سبحانه - عَدَّ في الظلمات الموج الأول والموج الثاني.
والموج هو حركة ماء البحر، وماء البحر شفاف. فكيف يسمى ظلمة؟
إن تسمية هذه الحجب ظلمة إنما هو باعتبار أنها مسببة لها.
والسياق يدل على أن الظلمة لم تحدث من شيء واحد، وإنما ساهمت هذه العوامل مجتمعة في تكوينها واستحكامها.