الفائدة الخامسة: دلالة المثل على اختلاف دوافع وحساب الضالين الذين شبهت أعمالهم بالسراب.
ومأخذ هذه الفائدة من ختام المثل حيث قال سبحانه:{وَوَجَدَ اللَّه عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّه سَرِيعُ الحِسَابِ} فلم يقل سبحانه فعذبه، أو أدخله النار، أو نحو ذلك، وإنما جاء بختام يناسب جميع الكفار الذين شبهت أعمالهم بالسراب على اختلاف دوافعهم وأحوالهم، فكل سينال الجزاء الذي يستحقه، وسيجري حسابهم كل كما يتناسب مع حاله.
ويمكن تلمس بعض الاحتمالات للدوافع التي تدفع أصحابها إلى تتبع الشبهات والعمل بالضلال، قياساً على ما يحتمل من حال اللاهث وراء السراب، ونستخلص من ذلك عدة صور:
منها: أن يكون صاحب السراب معذوراً حيث لم يجد ماء ولا من يرشده إلى الماء، ودفعه شدة العطش، وحب الحياة إلى التمسك بأي شيء، فاندفع نحو السراب بمجرد أن لاح له.
ومثل هذا: المتدينون من أهل الفترة الذين لم يجدوا من يدلهم على الطريق الصحيح، ومثلهم: من يكون في مجتمع ينتسب إلى الإِسلام لكن غلب على أهله الجهل، ولا يوجد فيه عالم مستبصر، فيمارس المتدينون أعمالاً من جنس البدع والمحدثات، يظنونها هدى، وهي ضلال ما أنزل اللَّه بها من سلطان، كبعض المجتمعات المنتسبة إلى الإسلام في الدول