للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فَدَعْ عنكَ ذِكْرَ اللهوِ واعمدْ لِمدحَةٍ ... لغيرِ مَعَدٍّ كُلُّها حيثُما انتُمى

لأَعْظَمِهَا قَدْرًَا وأكرمِهَا أَباً ... وأَحْسَنِهَا وَجْهًَا وَأَعْلَنِهَا سُمَا ١

فأَمَّا "ابنٌ" فتقديرهُ "فَعَلٌ"٢ متحركٌ وذلكَ أَنَّكَ تقولُ في جمعهِ "أَبَناءُ" كَمَا تقولُ: جَمَلٌ وأَجْمَالٌ وجَبَلٌ وأَجبَالٌ فإنْ قالَ قائلٌ: فلعلهُ "فِعْلٌ" أَو"فُعْلٌ" فإنَّ جمعَها علَى "أَفَعالٍ" قيلَ لَهُ: الدليلُ عَلى ذلكَ أَنَّكَ تقولُ: بَنُونَ في الجمعِ فتحركُ بالفتحِ فإنْ قَالَ: ما أَنكرتَ مِنْ أَنْ يكونَ علَى "فَعْلٍ" ساكن العين قِيلَ لأَن البابَ في جَمعِ "فَعْلٍ" علَى "أَفْعُلٍ" نحو: كَلْبٍ وأَكْلُبٍ وكَعْبٍ وأَكْعُبٍ فأَما دَمٌ فهوَ فَعْلٌ لأَنَّكَ تقولُ: دَمِيَ يَدمى فهوَ دَمٍ فَهذَا مثلُ: فَرِقَ يُفْرَقُ فَرَقًا فهو فَرِقٌ "فَدَمٌ" مَصدرٌ مثلُ بَطَرَ وحَذِرَ هَذا قولُ أَبي العباس٣.

قالَ أَبو بكر: وليسَ عندي في قولهم: دَمِيَ يَدْمَة دَمًا حجةٌ لِمَنْ ادَّعى أَنَّ "دَمَاً" فَعَلٌ لأَنَّ قولُهم: دَميَ يَدْمى دَمًَا إنَّما هُ و"فِعْلٌ" ومَصدرٌ اشتقا مِنَ الدمِ كمَا: اشتقَّ تَرِبَ مِنَ "التُّرابِ" وشَعرُ الجبينِ مِنَ الشَعَرِ فقولُهم "دَمَاً" اسمٌ للحدثِ والدمُ اسمٌ للشيءِ الذي هُوَ جسمٌ وقد بينتُ هذَا الضربَ في كتابِ الاشتقاقِ ولكنَّ قولَهم: دَميانِ دَلَّ علَى أَنَّهُ "فَعَلٌ" قالَ الشاعرُ لمَّا اضطر:


١ هذان البيتان أنشدهما أبو زيد في نوادره. والشاهد فيه أن الاسم يجيء على وزن "فعل" وكذلك "فعل بضم الفاء". وإنشاد البيتين على الوجهين -كسر الفاء وضمها- وانظر: المقتضب ١/ ٢٣٠. والمنصف ١/ ٦٠. والنوادر/ ١٦٦، والمخصص ١٣/ ١٩٢. وأمالي ابن الشجري ٢/ ٦٦.
٢ في المقتضب ١/ ١٣٠: فأما ابن فتقديره "فعل" وذلك أنك تقول في جمعه أبناء كما تقول: جمل وأجمال، وجبل وأجبال.
وانظر: الكتاب ٢/ ٨٢ والمنصف ١/ ٥٨.
٣ انظر: المقتضب ١/ ٢٣١، وأمالي ابن الشجري ٢/ ٣٤، والخزانة ٣/ ٣٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>