يخرج له عن طاعة، إلى أن بايع المأمون لعلي بن موسى الرضا بالعهد، فغضب بنو العباس وخلعوا المأمون، وبايعوا إبراهيم بن المهدي، فحاربه الحسن بن سهل ثم ضعف عنه، فانحدر الحسن إلى فم الصلح فأقام بها، وأقبل المأمون من خراسان، فقوي لذلك الحسن بن سهل ووجه من فم الصلح من حارب إبراهيم بن المهدي، فضعف أمر إبراهيم واستتر، ثم دخل المأمون بغداد وكتب إلى الحسن بن سهل فقدم عليه، فزاد المأمون في كرامته وتشريفه عند تسليمه عليه، وذلك في سنة أربع ومائتين.
ثم إن المأمون تزوج بوران بنت الحسن بن سهل، وانحدر إلى فم الصلح للبناء على بوران بها في شهر رمضان من سنة عشر ومائتين، فدخل بها، ثم انصرف وخلف بوران عند أمها إلى أن حملت إليه.
أخبرني أحمد بن محمد بن أحمد بن يعقوب الوزان قال: حدثني جدي أبو بكر محمد بن عبيد الله بن الفضل بن قفرجل قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا عون بن محمد قال: حدثنا عبد الله بن أبي سهل قال: لما بنى المأمون على بوران بنت الحسن بن سهل وانحدر إليهم إلى ناحية واسط، فرش له يوم البناء حصير من ذهب مسفوف، ونثر عليه جوهر كثير، فجعل بياض الدر يشرق على صفرة الذهب وما مسه أحد، فوجه الحسن إلى المأمون: هذا نثار يجب أن يلقط، فقال المأمون لمن حوله من بنات الخلفاء: شرفن أبا محمد. فمدت كل واحدة منهن يدها فأخذت درة، وبقي باقي الدر يلوح على الحصير الذهب، فقال المأمون: قاتل الله أبا نؤاس! لقد شبه بشيء ما رآه قط، فأحسن في وصف الخمر والحباب الذي فوقها، فقال [من البسيط]:
كأن صغرى وكبرى من فواقعها حصباء در على أرض من الذهب فكيف لو رأى هذا معاينة! وكان أبو نؤاس في هذا الوقت قد مات.