للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما ذعرت إلا لجرس حليها ... ولا رمقت إلا برى في مخدم١

يصف امرأة تترقبه، فتوهمت وقع حوافر فرس، ولمع سيف، وإذا بها تسمع حليها، وترى لمعها، ومن يستمع لهذا الصخب اللفظي يظن أنه حماسة أو حرب قائمة٢.

وإما أن يجعله سهلًا مفرطًا، كما وقع لأبي العتاهية:

يا إخوتي، إن الهوى قاتلي ... فسيروا الأكفان من عاجل

ولا تلوموا في اتباع الهوى ... فإنني في شغل شاغل

عيني على عتبة منهلة ... بدمعها المنسكب السائل

يا من رأى قبلي قتيلًا بكى ... من شدة الوجد على القاتل

فهذا الشعر كما ترى، سهل، لين، ليس بينه وبين النثر العامي فرق كبير، وللبهاء زهير نحو هذا الأسلوب الذي تسمعه، فكأنك تسمع الشعب المصري في حواره وأحاديثه، جدًّا وهزلًا، في عبثه وأفاكهه، وفي كل ما يلابس حياته٣ الوداعة المطمئنة في هذا الوادي الخصيب.

وكذلك الشأن في النثر فقد غلبت العناية اللفظية على فن المقامات، وصارت بذلك وسيلة لتعليم اللغة، وتراكيبها، وبعض عباراتها وأساليبها الجزلة، وقد أسبقنا القول في ذلك فلا نعيده هنا.

وكذلك وجد من الأدباء من يؤثر المعنى على اللفظ، فيعنى بعمقه وتركزه.


١ البري: جمع برة،: كل حلقة من سوار القرط أو الخلخال، المخدم: موضع الخلخال.
٢ العمدة ج١: ٨٠.
٣ البهاء زهير للمؤلف.

<<  <   >  >>