قوله: " لا تجعل قبري وثنا يعبد "١ لا: للدعاء; لأنها طلب من الله، وتجعل: تصير، والمفعول الأول لها: "قبري"، والثاني: "وثنا". وقوله: "يعبد": صفة لوثن، وهي صفة كاشفة; لأن الوثن هو الذي يعبد من دون الله. وإنما سأل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لأن من كان قبلنا جعلوا قبور أنبيائهم مساجد وعبدوا صالحيهم فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن لا يجعل قبره وثنا يعبد; لأن دعوته كلها بالتوحيد ومحاربة الشرك. قوله: "اشتد ": أي: عظم. قوله: "غضب الله": صفة حقيقية ثابتة لله عزوجل لا تماثل غضب المخلوقين لا في الحقيقة ولا في الأثر. وقال أهل التأويل: غضب الله هو الانتقام ممن عصاه، وبعضهم يقول: إرادة الانتقام ممن عصاه. وهذا تحريف للكلام عن مواضعه; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: انتقم الله، وإنما قال: اشتد غضب الله، وهو صلى الله عليه وسلم يعرف كيف يعبر، ويعرف الفرق بين غضب الله وبين الانتقام، وهو أنصح الخلق وأعلم الخلق بربه، فلا يمكن أن يأتي بكلام وهو يريد خلافه; لأنه لو أتى بذلك لكان ملبسا، وحاشاه أن يكون كذلك; فالغضب غير الانتقام وغير إرادة الانتقام; فالغضب صفة حقيقية ثابتة لله تليق بجلاله لا تماثل غضب المخلوق، لا في الحقيقة ولا في الأثر.