ويقال لهم: إنكم إذا قلتم ذلك أثبتم أن الله أظلم الظالمين; لأنه كيف يعاقب العاصي وهو مجبر على المعصية؟ ويثيب الطائع وهو مجبر على طاعته؟ فيكون أعطى من لا يستحق، وعاقب من لا يستحق، وهذا ظلم. فقالوا: هذا ليس بظلم; لأن الظلم تصرف المالك في غير ملكه، وهذا تصرف من المالك في ملكه يفعل به ما يشاء. وأجيب: بأنه باطل; لأن المالك إذا كان متصفا بصفات الكمال لن يخلف وعده، وقد قال الله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً} ١ [طه: ١١٢] ، فلو أخلف هذا الوعد; لكان نقصا في حقه وظلما لخلقه، حيث وعدهم فأخلفهم. ومذهبهم في أسماء الإيمان والدين الإرجاء، فيقولون: إن الإيمان مجرد اعتراف الإنسان بالخالق على الوصف المعطل عن الصفات حسب طريقتهم، وأن الأقوال والأعمال لا مدخل لها في الإيمان، وأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص. ومن هذه الأمور الثلاثة قالوا: إن أفسق وأعدل عباد الله في الإيمان سواء، بل قالوا: إن فرعون مؤمن كامل الإيمان، وجبريل مؤمن كامل الإيمان، لكن فرعون كفر; لأنه ادعى الربوبية لنفسه فقط، فصار بذلك كافرا. قال ابن القيم عنهم: والناس في الإيمان شيء واحد ... كالمشط عند تماثل الأسنان فمذهبهم من أخبث المذاهب؛ إن لم نقل: هو أخبثها، لكن أخبث منه