للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا" رواه مسلم١.


ولهذا قال: " أنزلهم على حكمك "، ولم يقل: وحكم أصحابك كما قال في الذمة; لأن الحكم في الجيش أو السرية للأمير، وأما الذمة والعهد; فهي من الجميع، فلا يحل لواحد من الجيش أن ينقض العهد
وقوله: " لا تدري ": أي: لا تعلم "أتصيب فيهم حكم الله أم لا"، وذلك لأن الإنسان قد يخطئ حكم الله تعالى.
وهذه المسألة اختلف فيها العلماء:
فقيل: إن أهل الحصن لا ينزلون على حكم الله لأن قائد الجيش وإن اجتهد; فإنه لا يدري أيصيب فيهم حكم الله أم لا؟ فليس كل مجتهد مصيبا.
وقيل: بل ينزلون على حكم الله، والنهي عن ذلك خاص في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقط; لأنه العهد الذي يمكن أن يتغير فيه الحكم; إذ من الجائز بعد مضي هذا الجيش أن يغير الله هذا الحكم، وإذا كان كذلك; فلا تنزلهم على حكم الله; لأنك لا تدري أتصيب الحكم الجديد أو لا تصيبه؟
أما بعد انقطاع الوحي; فينزلون على حكم الله، واجتهادنا في إصابة حكم الله يعتبر صوابا إذا لم يتبين خطؤه; لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وقد قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ٢ وهذا أصح; لأنه يحكم للمجتهد بإصابته الحكم ظاهرا شرعا وإن كان قد يخطئ، وإن حصل الاحتراز بأن يقول: ننزلك على ما نفهم من حكم الله ورسوله; فهو أولى; لأنك إذا قلت على ما نفهم صار الأمر واضحا أن هذا حكم الله بحسب فهمنا، لا بحسب الواقع فيما لو اتضح خلافه.

<<  <  ج: ص:  >  >>