ولكن يخفى الإمبراطور ذراعه الشوهاء تراه يدنيها من جسمه ويضع يده اليسرى فوق خصره أو على فخذه إن كان فوق جواده، وليست يسراه في القبح كذراعه، وإنما نهاية في اصغر أشبه بأيدي الأطفال ومن كان يتتبع الصحف الألمانية لا بد ذاكر أن الصحف الرسمية اعتادت أن تنشر بين حين وآخر مقالات عدة تريد بها أن تمتحن رأي الجمهور في إدخال الأنطقة على ملابس ضباط الجيش لأن الأنطقة ليست معروفة عند الألمان ولا تلائم الزي العام فكما أن الإمبراطورة أوجيني أعادت عهد العظامة لتخفي نحافتها وتستر نحولها فكذلك يريد غليوم أن يغير اللباس الحربي ليجد ليده وذراعه مكمناً سهلاً ومخبأً مريحاً لأن ذراعه اليسرى أقصر من اليمنى بنصف قدم ولكن وا أسفاه. إن سواد الضباط لا يرون في هذه الاقتراحات إلا نوعاً من المتاجرة لا يريد بها أصحابها إلا الريح العظيم ولذلك لا ينون يسخرون من هذه الاقتراحات ويتضاحكون، هذا وغليوم لا يستطيع أن يصرح بالسبب الحقيقي للاختراع، ويضطر إلى البقاء على مضه وألمه.
والإمبراطور يستطيع أن يحرك أصابع يده الموجعة لأنه وإن كان طرف المرفق ناتئاً عن موضعه من المفصل الذي يربط الساعد بالكتف فليس العضو بجملته مفلوجاً باطل الحركة ولذلك لا مجال للريب في قول فون نورمان رئيس حرسه إن الإمبراطور قبض بيده اليسرى على سيفه فقد كثر ما رأيتها يفعل ذلك إذا وجد أو غضب، ولكنه إذا أمسك بها شيئاً فلا يستطيع يد الدهر أن يرفعها ولو قليلاً، تراه مثلاً يأخذ بها أعنة جواده ولكنه إذا أراد أن يثنيها أو يحتث مطيته لم يستطع ذلك إلا بيمناه وركبتيه.
وترى وصفاء الإمبراطور وهم أربعة يقومون بإلباسه وتنضيته وتجميل بزته، يشكون مر الشكاة من عاهة سيدهم، وقد سمعت أحدهم وكان يفيض لفولت وصيف الإمبراطورة بمكنون ألمه، يقول ما كنا لنبرم بعملنا أو نسخط أبداً لو غير الإمبراطور ثوبه عشر مرات في اليوم بدلاً من ثلاث أو أربع، وإنما الخوف من إيلام ذراعه هو الذي يرهقنا ويجعلنا في ضيق من أمرنا، ونحن كذلك مضطرون إلى أن نكون على أتم الأهبة للاحتياط لتألم الأمير إذا ارتكز على ساقه اليسرى وهو متعجل في لبس سراويلات جديدة، فلو أنهم أدخلوا على لباس الراجلة والفرسان والمدفعية بل والبحرية بنطلوناً رسمياً واحداً لا يتغير، إذن لأراحونا من نصف همومنا ومتاعبنا، أما هذا التغير المستمر في أزياء الإمبراطور فقاتلنا