موجود أفاد، وإن كان عن ماضٍ فلا، والسمنية بضم السين وفتح الميم: فرقة من عبدة الأوثان كذا قاله الجوهري. والدليل على ما قلناه أنا نعلم بالضرورة وجود البلاد البعيدة كمكة وقسطنطينية والأشخاص الماضية كالشافعي وجالينوس. واعترض الخصم بأنا نجد التفاوت بين خبر التواتر وبين غيره من المحسوسات والبديهيات كقولنا: الواحد نصف الاثنين وحصول التفاوت دليل احتمال النقيض, واحتمال النقيض مناف للعلم. وأجاب المصنف بأن التفاوت الحاصل سببه أن بعض القضايا يكثر استعمالها وتصور طرفيها وبعضها لا يكثر؛ فلذلك يستأنس العقل ببعضها دون بعض فإذا وردت القضية الأولى جزم العقل بها بسرعة بخلاف القضية الثانية مع اشتراكهما في العملية، وهذا الجواب ذكره في الحاصل ولكن بعد أن منع أن العلوم لا تتفاوت, واقتصار المصنف عليه يوهم اختيار عدم تفاوتها، والمشهور خلافه ويحتمل أن يكون مراد المصنف إنما هو منع التفاوت وأسند بالاستئناس، ولم يذكر الإمام شيئا من هذين الجوابين بل أجاب بأنه تشكيك في الضروريات فلا يسمع. المسألة الثانية: ذهب الجمهور إلى أن العلم الحاصل عقب التواتر ضروري أي: لا يحتاج إلى نظر وكسب, واختاره الإمام وأتباعه وابن الحاجب, وذهب إمام الحرمين والكعبي وأبو الحسين البصري إلى أنه نظري ونقله المصنف تبعا للإمام عن حجة الإسلام الغزالي وفيه نظر؛ فإن كلامه في المستصفى مقتضاه موافقة الجمهور فتأمله, وتوقف المرتضى من الشيعة واختاره الآمدي في الأحكام ومنتهى السول. ثم استدل المصنف على مذهبه بأنه لو كان نظريا لكان غير حاصل لمن لا يتأتى منه النظر كالبله والصبيان وليس كذلك. واحتج الخصم بأن العلم بمقتضى الخبر متوقف على العلم بامتناع تواطؤ المخبرين على الكذب في العادة، وعلى العلم بأن لا داعي لهم إلى الكذب من حصول منفعة أو دفع مضرة، وهذه المقدمات نظرية والموقوف عن النظري أولى أن يكون نظريا، وأجاب المصنف تبعا للحاصل بأن هذه المقدمات حاصلة بقوة قريبة من الفعل, أي: إذا حصل طرفا المطلوب في الذهن حصلت عقبه من غير نظر وتعب. قال: "الثالثة: ضابطه إفادة العلم, وشرطه أن لا يفعله السامع ضرورة وأن لا يعتقد خلافه لشبهة دليل أو تقليد, وأن يكون سند المخبرين إحساسا به، وعددهم مبلغا يمتنع تواطؤهم على الكذب. وقال القاضي: لا يكفي الأربعة وإلا لأفاد قول كل أربعة، فلا يجب تزكية شهود الزنا لحصول العلم بالصدق أو الكذب. وتوقف في الخمسة ورد بأن حصول العلم بفعل الله تعالى فلا يجب الاطراد، وبالفرق بين الرواية والشهادة، وشرط اثنا عشر كنقباء موسى عليه السلام, وعشرون لقوله تعالى:{إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ}[الأنفال: ٦٥] , وأربعون لقوله تعالى:{وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[الأنفال: ٦٤] وكانوا أربعة وسبعين لقوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا}[الأعراف: ١٥٥] وثلاثمائة وبضعة عشر عدد أهل بدر والكل ضعيف، ثم إن أخبروا عن عيان فذاك, وإلا فيشترط ذلك في كل الطبقات، الرابعة: