للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الزراعية معروفة من بضع المحلات التي تم اكتشافها فلم يلاحظ في معظمها إلا تغير طفيف في حالات شاذة، وربما كانت هذه التغيرات الضئيلة في الصناعات التقليدية نتيجة هجرة قوية، ومع ذلك فإن المظهر العام لحياتهم ظل كما هو إلى ما بعد الألف الثالث قبل الميلاد؛ فانعدام مظاهر التقدم في مخلفاتهم يكاد يكون عامًّا؛ بينما عاصرت حضارات عصر استخدام النحاس في الأناضول حضارات بالغة الرقي في بقية أقطار الشرق الأدنى: فمصر مثلًا كانت تعيش في عهد الدولة القديمة وهو من أزهى عهودها التاريخية؛ ولذا لا يمكن أن نقارن بين حضارات الأناضول وتلك التي كانت في الأقطار الأخرى خلال هذه الفترة؛ بل يمكن القول بأن منطقة طروادة المطلة على بحر إيجة كانت منفصلة حضاريًا عن داخل الهضبة، والواقع أن قليلًا من الأدلة الأثرية هي التي تربط بين المنطقتين في هذا العصر السحيق؛ بحيث يصعب إيجاد صلة بينهما, أما الأدلة على ارتباط طروادة "خلال هذا العصر" بإقليم بحر إيجة فهي متعددة وكافية لأن تؤيد وجود صلة بينهما.

ومع أن مخلفات الحضارات التالية من عصر النحاس في طروادة التي تتمثل في طبقاتها الأثرية ابتداء من الطبقة الثانية إلى الطبقة الخامسة -وهي التي تعد نموذجًا لكل المنطقة المحيطة ببحر إيجة- تشير إلى اقتصاد زراعي متواضع؛ إلا أن بعض آثار فيها تدل على غنى عظيم يوحي بوجود مستوى أعلى للحياة بين الطبقات العليا، وهذه تتمثل في وجود بعض حلي من الذهب والفضة عثر عليها شليمان "Shliemann" في الطبقة الثانية من حفائره في طروادة؛ ولكن شواهد أخرى تدل على حدوث تغيرات واضحة فيما بعد حيث توجد آثار حريق عظيم في هذه الطبقة الثانية يرجع تاريخه إلى نهاية القرن ٢٤ ق. م. تقريبًا.

ولا يوجد من التشابه بين الحضارة التي سادت منطقة إيجة وتلك التي كانت

<<  <   >  >>