إلى أواسط دور استخدام المعادن على الأقل؛ فظلت الجهات الداخلية من الأناضول مجهولة بالنسبة لأهل حضارة بدء استخدام المعادن ولم ينتبهوا إليها إلا في أواخر هذه الفترة، وهذا الحاجز المشار إليه يكاد ينطبق على خط كنتور المرتفعات الجنوبية الذي يصل إلى ارتفاع ألفي قدم أو أكثر ويمتد من المشرق إلى المغرب؛ ولكن تتخلله فجوات عميقة تخترقها وديان بعض الأنهار, وتصل شمالًا إلى سهل قيليقيا.
وعلى أي حال ففي وقت ما من القرون الأخيرة للألف الرابع قبل الميلاد تمكنت الجماعات التي تعتمد على الزراعة من أن تعيش في بعض الجهات الواقعة شمال هذا الحاجز المناخي, وبدأت المحلات الزراعية تظهر في الهضبة نفسها وفي الإقليم الإيجي في الغرب؛ ولكننا لا نستطيع الجزم بالمكان الذي جاءت منه هذه الجماعة؛ فما زالت المعلومات التي أمكن الوصول إليها عن هؤلاء الأناضوليين الأوائل ضئيلة للغاية وغير كافية؛ لأنها جاءت عن طريق الاكتشافات التي تمت في مواقع قليلة ومعظمها لا تخرج عن كونها نتجت عن مجسات طبقية في بعض الأماكن أو أشياء وجدت على سطح الأرض في أماكن أخرى، ومع هذا يمكن القول بأنها تغطي مساحة جغرافية لا بأس بها؛ إذ إنها تمتد من أقصى الغرب إلى حدود إيران، ولو أنها في أول الأمر كانت عبارة عن سلسلة من الاكتشافات المتفرقة التي أمدتنا بمخلفات تتميز في كل موقع أو مجموعة من المواقع المتجاورة عما عداها, ولم يمكن معرفة أنها ترجع إلى دور بداية استخدام المعادن إلا عن طريق أدلة الطبقات فقط.
ومن أمثلة الاختلاف في آثار الجهات المختلفة ما يشاهد من فوارق بين المخلفات التي عثر عليها في كل من عليشار وأزجوق "بالقرب من سمسون ودنداراتبة" وبيوق جلوجك "بالقرب من ألاجا" وطروادة وكوم تبة وغيرها، ومع أن كلًّا من هذه تتميز عن الآخرين في صفات معينة إلا أن هذه الصفات الخاصة