للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابن مارية هو الحارث الأعرج بن أبي شمر الغساني، وكان أثيرا عندهم، ولذلك يقول:

قد أراني هناك حق مكين ... عند ذي التاج مقعدي ومكاني١

وذلك أنه دخل يوما على "جبلة بن الأيهم" الغساني، فأذن له، فجلس بين يديه وعن يمينه رجل له ضفيرتان، وعن يساره رجل، وكان الأول هو النابغة، وكان الثاني، هو "علقمة بن عبدة" فاستنشهدهم جبلة، فأنشد النابغة قوله:

كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب

قال حسان فذهب نصفي. ثم قال لعلقمة أنشد، فأنشد:

طحا بك قلب في الحسان طروب ... بعيد الشباب عصر حان مشيب

قال حسان، فذهب نصفي الآخر. ثم قال "جبلة" لحسان، أنت أعلم الآن إن شئت سكت، وإن شئت أنشدت، فأنشد:

أبناء جفنة عند قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الجواد المفضل

يسقون من ورد البريص عليهم ... كأسا تصفق بالرحيل السلسل

فأدناه منه، ثم أمر له بثلاثمائة دينار وعشرة أقمصة لها جيب واحد. وقال: هذا لك عندنا في كل عام. وذكر "أبو عمرو الشيباني" هذه القصة لحسان مع "عمرو بن الحارث" الأعرج٢. ونجد الرواة يختلفون في مثل هذه القصص، بسبب ركونهم إلى رواة مختلفين، لم يدونوا الأخبار وإنما سمعوها سماعا، وأكثرها من المخترعات.


١ الشعر والشعراء "١/ ٢٢٤".
٢ الخزانة "٢/ ٢٤٠ وما بعدها"، "بولاق".

<<  <  ج: ص:  >  >>