للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من لسان مضر، وما عدا ذلك فهو مما تبعث عليه فطرة صاحبه، ولكن العرب لا يبالون به ولا يروونه، وعلى هذا مشى المتأخرون في الاحتجاج بالشعر العربي، فالعلماء لا يرون شعر عدي بن زيد حجة. لأنه كان يسكن بالحيرة ويدخل الأرياف، فثقل لسانه؛ وهذا الاعتبار يحدد لنا منشأ الشعر"١. ولكننا لو تصفحنا شعر الشواهد، نجد أن فيه شعرا من شعر عدي، استشهد به في القواعد٢، وقد ذكر "الجاحظ" أن "أبا إياس" النصري، وكان أنسب الناس، كان يقول: "كانوا يقولون: أشعر العرب أبو دواد الإيادي، وعدي بن زيد العبادي"٣.

والواقع أن شعر "عدي" أقرب إلينا من شعر أهل البادية، وأسهل فهما، وفيه معان حضرية لا نعثر عليها في شعر شعراء أهل الوبر، ونجد في شعره ألفاظا معربة، استشهد بها "الجواليقي" في كتابه المعرب، وذلك دليل على تأثره بمحيطه وببلدته التي كانت عربية نبطية فارسية، تلعب بها تيارات ثقافية متباينة، وهو يخالف شعراء البوادي، فابتعاده عن الأعاريض الطويلة، وميله إلى الأعاريض القصيرة، ثم في أسلوب خمرياته الشبيهة بخمريات الأعشى وحسان بن ثابت، ثم يخالف شعراء نجد في أفكار الزهد والتصوف التي ترد في شعره، والتي لا ترد ولا تخطر على بال الشاعر الأعرابي٤.

وعدي بن زيد العبادي، هو "عدي بن زيد بن حماد بن أيوب وقيل: "عدي بن زيد بن حمار "حماز" بن زيد بن أيوب بن مجروف "محروف" بن عامر بن عصبة "عصية" بن امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم وقيل: عدي بن زيد بن أيوب بن حمار "حماد" "جمار"، أحد بني "امرئ


١ الرافعي "٢/ ٨ وما بعدها"، الأغاني "١٥/ ٩٧"، الشعر والشعراء "١٥٠ وما بعدها، ١٦٢".
٢ شرح شواهد المغني، للسيوطي "٢/ ٦٥٨".
٣ البيان والتبيين "١/ ٣٢٣".
٤ كارلو نالينو "٩٠ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>