متزوجة، وهو على شاكلة "امرئ القيس" يطيب له أن يصور صاحبته متزوجة، تخون زوجها، وتقدم له الحب واللذة، لأن في الاتصال بالمتزوجة مجازفة من الرجل ومن المرأة، والمجازفة من سيماء العشاق الفرسان الشجعان.
وقد تمكن الأعشى باتصاله بملوك الحيرة والغساسنة، وبقيس بن معد يكرب، وسلامة ذي فائش وبسادة نجران، وبهوذة، وبأمثالهم من حكام وسادة، من الحصول على مال طيب، ومن التمتع بمشاهدة مجالس أولئك السادة، ومن الشرب بصحاف الذهب والفضة، ومن أكل أكلات الحضر، التي لا يعرفها إلا أصحاب المال والترف، ومن الاستمتاع بسماع الغناء العربي والأعجمي، ومن التأثر بالحياة الرفيعة التي يحياها أهل الحضر. فأثرت تلك الحياة فيه. وصار يقبل عليها ويبحث عنها في كل مكان. وما الحياة تلك إلا اللهو بالخمر والنساء والطعام الطيب، حتى كان يتلف ماله في سبيلها، إن عسر الحصول عليها بغير ثمن.
وهو في شعره صريح يعلن فيه حبه لجمع المال، لا يخشى من التصريح به أحدا، ولعله كان يريد الإعلان عن ذلك، ليرزقه الناس من عندهم، ويزيدوا في ماله. نراه يقول:
وطوفت للمال آفاقها ... عمان وحمص فأوريشَلَم
أتيت النجاشي في داره ... وأرض النبيط وأرض العجم
فنجران فالسرو من حمير ... فأي مرام له لم أرم
ومن بعد ذلك إلى حضر موت ... فأوفيت همي وحينا أهم١
ثم هو يعدد المواضع التي زارها فيقول:
ألم ترني جولت ما بين مأرب ... إلى عدن فالشأم والشأم عاند
وذا فائش قد زرت في متمنع ... من النيق فيه للوعول موارد
ببعدان أو ريمان أو رأس سَلْيَة ... شفاء لمن يشكو السمائم بارد
وبالقصر من أرياب لو بتَّ ليلة ... لجاءك مثلوج من الماء جامد
ونادمت فهدا بالمعافر حقبة ... وفهد سماح لم تشبه المواعد
١ الصفة "٢٢٤"، ديوان الأعشى القصيدة رقم "٤"، والقصيدة رقم ٦٣.