للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشعر المقال في أيام الأمويين، فأبعده من هذه الناحية عن الشعر الجاهلي، فعزاه إلى الحياة الجديدة التي دخل فيها العرب في هذا العهد، وإلى التغير الروحي الذي ظهر بين العرب نتيجة خروجهم من البوادي ودخولهم أرضين خصبة، ذات عمران وحضارة، وهو تغير يفوق في نظره أثر الدين الجديد، أي الإسلام في العرب. فبينما كان الشعر الجاهلي، شعر بدوي، ظهر وترعرع بين الأعراب وفي البوادي، وكان أبطاله ورجاله، يراجعون الإمارتين الصغيرتين: إمارة المناذرة وإمارة الغساسنة، نرى هذا الشعر ينمو ويظهر في قصور الخلفاء والولاة والحكام، وهي كثيرة، فيها البذخ والمال والترف والنعيم، وحياة هذه طرازها لا بد وأن تؤثر على مشاعر الشاعر، فتجعل شعره يختلف في معانيه وفي شعوره عن معاني وشعور الشعر الجاهلي، وإن حاول الشعراء جهدهم المحافظة على القوالب الجاهلية للشعر، والتمسك بجزالة ذلك الشعر١.

ثم تحدث في مقدمته هذه عن الصعوبات التي يواجهها المرء حين يريد فهم هذا الشعر، ثم أشار إلى عمل المستشرقين الذين سبقوه في نشر وترجمة ذلك الشعر إلى لغاتهم، ثم تحدث عن تضارب الروايات واختلافها في نصوصها وعن رواة الشعر الجاهلي وعن تداخل الشعر بعضه في بعض في بعض الأحيان، بحيث يدخل شعر شاعر في شعر غيره، أو ينسب شعر شاعر لغيره٢، ثم عن تغيير وتحوير الأشعار المقالة بلهجات القبائل لجعلها موافقة للعربية الفصحى، وإن كانت هذه الفروق التي كانت بين اللهجات الشمالية لم تكن كبيرة عند ظهور الإسلام. وتحدث بعد ذلك عن الشعر الوثني وعن ورود أسماء الأصنام فيه، وعن تجنب الرواة إيرادها، أو تحويرها بعض التحوير، ثم تحدث عن تعمد الرواة نحل الشعر، وحمله على ألسنة الشعراء الجاهليين، وعلى ألسنة الماضين، وعلى ألسنة الجن والملائكة.

وتطرق أيضًا إلى رأي علماء العربية في الشعر الجاهلي، وفي المعلقات، ورأي "النحاس" فيها، ثم تحدث عن تصنيف علماء الشعر للشعراء إلى طبقات، وعن


١Beltrage, S. I. f..
٢ المصدر نفسه "ص v١١١".

<<  <  ج: ص:  >  >>