للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو بيت وضعه أبو عمرو الشيباني على لسان الأعشى، فقال بعلمه بالشعر وبألفاظ العرب: "كأن هذا ليس من لفظ الأعشى"١، وقد كان بشار الشاعر المعروف حاذقًا بأشعار العرب ملمًا بأساليبهم، فأدرك بسليقته وبعلمه بشعر الأعشى أن هذا البيت ليس من شعره، وقد روى الرواة أن أبا عمرو هو الذي وضعه على لسان الأعشى، وأنه اعترف بصنعه له.

وقد جاء المعري في "رسالة الغفران" بأمثلة كثيرة من أمثلة الشعر المنحول الذي صنع على ألسنة الشعراء الجاهليين. كما أشار إلى التحوير والتغيير الذي أدخله "المعلمون في الإسلام" على الشعر "فغيروه على حسب ما يريدون"٢.

وروي أن قريشًا كانوا أول من وضع الشعر من القبائل في الإسلام. نظروا إلى أنفسهم، فإذا حظهم في الشعر قليل في الجاهلية، فاستكثروا منه في الإسلام. قال ابن سلام: "وقريش تزيد في أشعارها تريد بذلك الأنصار والرد على حسان"٣. ولم يكتف القرشيون بإضافة الشعر إليهم، وباستكثاره، بل عملوا الشعر على لسان شعراء المدينة للغض منهم، وذلك لما كان بينهم وبين أهل يثرب من تحاسد يعود إلى ما قبل الإسلام. وقد ذكر أن "قتادة بن موسى" الجمحي هجا "حسان بن ثابت" ونحلها "أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب"٤، صنعوا الشعر الغث الضعيف وأضافوه إلى شعراء الأنصار للغض من منزلتهم في الشعر.

وقد أشار السيوطي إلى أشعار، ذكر أن علماء الشعر يروون أنها من صنع خلف الأحمر، صنعها على ألسنة الشعراء الجاهليين. من ذلك اللامية المنسوبة إلى الشنفرى٥، والقصيدة التي فيها:

خيل صيام وخيل غير صائمة ... تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما


١ الزجاجي، مجالس العلماء "٢٣٥ وما بعدها".
٢ رسالة الغفران "٣١٧ وما بعدها".
٣ طبقات "٦٢".
٤ الإصابة "٣/ ٢١٧"، "٧٠٧٧".
٥ طبقات النحويين، للزبيدي "١٧٨ وما بعدها"، المُزْهِرُ "١/ ١٧٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>